الشيخ عبدالرحمن المزيني

الإشارات علي كتاب الفتن من صحيح البخاري

10/7/2017

المؤلف : الشيخ عبدالرحمن بن صالح المزيني

المؤهل العلمي: دكتوراه في العقيدة

تحميل الكتاب

تفاصيل الكتاب

 

 

 

 

 

 

 

الإشارات.

على كتاب الفتن من صحيح البخاري

 

 

لفضيلة الشيخ الدكتور:

عبدالرحمن بن صالح المزيني

المشرف العــام لمــوقع ريــاض الإســلام

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

 

وبعد، فقد عزمت مستعينًا بالله على تدوين تعليقات على كتاب الفتن من صحيح الإمام البخاري رحمه الله أنقلها من كلام أهل العلم، قصدت بها نفع نفسي ومن اِطّلع عليها من المسلمين، وذلك لمسيس الحاجة إليها خصوصًا في هذه الأزمان التي كثُرت فيها الفتن والصوارف عن الدين، وقام الدعاة على أبواب جهنم، وقلّ فيها الناصح الأمين -إلّا ما شاء الله- وليس الأمر بغريب؛ فقد جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ) وفي رواية عند احمد رحمه الله (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ الْغُرَبَاءُ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ) وعند الترمذي (الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي) أسأل الله أن يعينني وأن ينفعني بها في الدارين وجميع المسلمين.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

 

 

 

 

 

 

عبد الرحمن بن صالح المزيني

محرم 1430هـ

 

 

 

(كتاب الفتن)

 

1 - باب مَا جَاءَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى

(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً).

 وَمَا كَانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحَذِّرُ مِنَ الْفِتَنِ.

 

7048 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السري حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ أَسْمَاءُ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «أَنَا عَلَى حوضي أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ، فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دوني فَأَقُولُ أمتي. فَيَقُولُ لاَ تَدْرِى، مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى». قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ. طرفه 6593 - تحفة 15719

7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَىَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لأُنَاوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دوني فَأَقُولُ أي رَبِّ أصحابي. يَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». طرفاه 6575، 6576 - تحفة 9292

7050 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ ويعرفوني، ثُمَّ يُحَالُ بيني وَبَيْنَهُمْ». طرفه 6583 تحفة 4782 - 59/9

7051 - قَالَ أَبُو حَازِمٍ فسمعني النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلاً فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الخدر لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ قَالَ «إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى». طرفه 6584 تحفة 4390.

 

التعليق:

- قال في الفتح: الْفِتَن جَمْع فِتْنَة، قَالَ الرَّاغِب: أَصْل الْفِتَن إِدْخَال الذَّهَب فِي النَّار لِتَظْهَر جَوْدَته مِنْ رَدَاءَته، وَيُسْتَعْمَل فِي إِدْخَال الْإِنْسَان النَّار وَيُطْلَق عَلَى الْعَذَاب كَقَوْلِهِ (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ)، وَعَلَى مَا يَحْصُل عِنْدَ الْعَذَاب كَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَلَا فِي الْفِتْنَة سَقَطُوا)، وَعَلَى الِاخْتِبَار كَقَوْلِهِ (وَفَتَنَّاك فُتُونًا)، وَفِيمَا يُدْفَع إِلَيْهِ الْإِنْسَان مِنْ شِدَّة وَرَخَاء، وَفِي الشِّدَّة أَظْهَر مَعْنًى وَأَكْثَر اِسْتِعْمَالًا، قَالَ تَعَالَى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة) وَمِنْهُ قَوْله (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَك) أَيْ يُوقِعُونَك فِي بَلِيَّة وَشِدَّة فِي صَرْفك عَنْ الْعَمَل بِمَا أُوحِيَ إِلَيْك. وَقَالَ أَيْضًا الْفِتْنَة تَكُون مِنْ الْأَفْعَال الصَّادِرَة مِنْ اللَّه وَمِنْ الْعَبْد كَالْبَلِيَّةِ وَالْمُصِيبَة وَالْقَتْل وَالْعَذَاب وَالْمَعْصِيَة وَغَيْرهَا مِنْ الْمَكْرُوهَات: فَإِنْ كَانَتْ مِنْ اللَّه فَهِيَ عَلَى وَجْه الْحِكْمَة، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْإِنْسَان بِغَيْرِ أَمْر اللَّه فَهِيَ مَذْمُومَة، فَقَدْ ذَمَّ اللَّه الْإِنْسَان بِإِيقَاعِ الْفِتْنَة كَقَوْلِهِ (وَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل) وَقَوْله (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات) وَقَوْله (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) وَقَوْله (بِأَيِّكُمْ الْمَفْتُون) كَقَوْلِهِ (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوك). وَقَالَ غَيْره: أَصْل الْفِتْنَة الِاخْتِبَار، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْمِحْنَة وَالِاخْتِبَار إِلَى الْمَكْرُوه، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى كُلّ مَكْرُوه أَوْ آيِل إِلَيْهِ كَالْكُفْرِ وَالْإِثْم وَالتَّحْرِيق وَالْفَضِيحَة وَالْفُجُور وَغَيْر ذَلِكَ.

 - قال ابن كثير في تفسيره: وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً } يعني: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.وقال في رواية له، عن ابن عباس، في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب.وهذا تفسير حسن جدًّا؛ ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى: { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً } هي أيضا لكم، وكذا قال الضحاك، ويزيد بن أبي حبيب، وغير واحد. وقال ابن مسعود: ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، إن الله تعالى يقول: { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ } [التغابن: 15] فأيكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلات الفتن. رواه ابن جرير. والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم -وإن كان الخطاب معهم -هو الصحيح، ويدل على ذلك الأحاديث الواردة في التحذير من الفتن أ.هـ

 - قال السعدي في تفسيره (بل تصيب فاعل الظلم وغيره،وذلك إذا ظهر الظلم فلم يغير، فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره،وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر، وقمع أهل الشر والفساد، وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن أ.هـ

- قال في الواسطية: وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه و سلم ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء وطوله شهر وعرضه شهر من يشرب منه شربة لا يضمأ بعدها أبدا.

- قوله:(أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ) قال ابن القيم رحمه الله:وقد روى أحاديث الحوض أربعون من الصحابة وكثير منها وأكثرها في الصحيح عمر بن الخطاب وأنس وجابر بن عبد الله وجابر بن سمرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعقبة بن عامر وكعب بن عجرة وحارثة ابن رهب الخزاعي والمستورد بن شداد وأبو برزة الأسلمي.

 -قال في الفتح: قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْره: وَعَلَى هَذَا فَيَذْهَبُ عَنْهُمْ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَيُطْفَأُ نُورُهُمْ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُون عَلَيْهِمْ السِّيمَا بَلْ يُنَادِيهِمْ لِمَا كَانَ يَعْرِفُ مِنْ إِسْلَامِهِمْ وَقِيلَ هُمْ أَصْحَاب الْكَبَائِر وَالْبِدَع الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الْإِسْلَام وَعَلَى هَذَا فَلَا يُقْطَعُ بِدُخُولِ هَؤُلَاءِ النَّارَ لِجَوَازِ أَنْ يُذَادُوا عَنْ الْحَوْضِ أَوَّلًا عُقُوبَةً لَهُمْ ثُمَّ يُرْحَمُوا وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُون لَهُمْ غُرَّةٌ وَتَحْجِيلٌ فَعَرَفَهُمْ بِالسِّيمَا سَوَاءٌ كَانُوا فِي زَمَنِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَرَجَّحَ عِيَاضٌ وَالْبَاجِيّ وَغَيْرهمَا مَا قَالَ قَبِيصَة رَاوِي الْخَبَر إِنَّهُمْ مَنْ اِرْتَدَّ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ لَهُمْ أَنْ يَكُون عَلَيْهِمْ السِّيمَا لِأَنَّهَا كَرَامَةٌ يَظْهَرُ بِهَا عَمَلُ الْمُسْلِمِ. وَالْمُرْتَدُّ قَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ فَقَدْ يَكُونُ عَرَفَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ لَا بِصِفَتِهِمْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ اِرْتِدَادِهِمْ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَنْ كَانَ فِي زَمَنه مِنْ الْمُنَافِقِينَ

 - قوله: (فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى) كيف تبرأ منهم؟ إما أنهم مرتدون أو يكون معناه الإعراض.

 

 

 

 

 

2 - باب قَوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم

 «سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا»

 

 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «اصْبِرُوا حَتَّى تلقوني عَلَى الْحَوْضِ».

7052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ». طرفه 3603 - تحفة 9229

7053 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنِ الْجَعْدِ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفاه 7054، 7143 - تحفة 6319

7054 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَعْدِ أَبِى عُثْمَانَ حدثني أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفاه 7053، 7143 - تحفة 6319

7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حدثني ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهْوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النبي -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ دَعَانَا النبي -صلى الله عليه وسلم- فَبَايَعْنَاهُ أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5077

7056 - فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ. طرفه 7200 - تحفة 5077 - 60/9

7057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا وَلَمْ تستعملني. قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تلقوني». طرفه 3792 - تحفة 148

 

التعليق:

- قال ابن بطال: في هذه الأحاديث حجة في ترك الخروج على أئمة الجور، ولزوم السمع والطاعة لهم والفقهاء مجمعون على أن الإمام المتغلّب طاعته لازمة، ما أقام الجماعات والجهاد، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، ألا ترى قوله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «سترون بعدى أثرةً وأمورًا تنكروها» فوصف أنهم سيكون عليهم أمراء يأخذون منهم الحقوق ويستأثرون بها، ويؤثرون بها من لا تجب له الأثرة، ولا يعدلون فيها، وأمرهم بالصبر عليهم والتزام طاعتهم على ما فيهم من الجور، وذكر علي بن معبد، عن علي بن أبى طالب أنه قال: لابد من إمامة برة أو فاجرة. قيل له: البرة لابد منها، فما بال الفاجرة؟ قال: تقام بها الحدود، وتأمن بها السبل، ويقسم بها الفئ، ويجاهد بها العدو. ألا ترى قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس: «من خرج من السلطان شبرًا مات ميتةً جاهليةً». وفى حديث عبادة: «بايعنا رسول الله على السمع والطاعة» إلى قوله: «وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا» فدل هذا كله على ترك الخروج على الأئمة، وألا يشق عصا المسلمين، وألا يتسبب إلى سفك الدماء وهتك الحريم، إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام، فلا طاعة لمخلوق عليه.

- قال العيني: قوله أثرة بفتح الهمزة والثاء المثلثة الاستئثار في الحظوظ الدنيوية والاختيار لنفسه والاختصاص بها قوله: وأمورا تنكرونها يعني من أمور الدين وسقطت الواو في وأمورا في بعض الروايات فعلى هذا يكون أمورا تنكرونها بدلا من أثرة قوله: أدوا إليهم حقهم أي أدوا الأمراء حقهم أي الذي لهم المطالبة به ووقع في رواية الثوري تؤدون الحقوق التي عليكم أي بذل المال الواجب في الزكاة والنفس الواجب في الخروج إلى الجهاد عند التعيين ونحوه قوله: وسلوا الله حقكم قال الداودي سلوا الله أن يأخذ لكم حقكم ويقيض لكم من يؤديه إليكم وقال زيد يسألون الله سرا لأنهم إذ سألوه جهرا كان سبا للولاة ويؤدي إلى الفتنة.

 - قال في أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة:الواجب لهم النصيحة بموالاتهم على الحق وطاعتهم فيه، وأمرهم به وتذكيرهم برفق، والصلاة خلفهم والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، والصبر عليهم وإن جاروا، وترك الخروج بالسيف عليهم، ما لم يظهروا كفرا بواحا، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح والتوفيق.

 - قال في اعتقاد أئمة الحديث للإسماعيلي: ويرون جهاد الكفار معهم، وإن كانوا جورة، ويرون الدعاء لهم بالصلاح والعطف إلى العدل، ولا يرون الخروج بالسيف عليهم، ولا قتال الفتنة، ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العادل، إذا كان ووجد على شرطهم في ذلك.

 - قال في الإبانة لأبي الحسن الأشعري: ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد وسائر الصلوات والجماعات خلف كل بر وفاجر كما روى أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان يصلي خلف الحجاج. وأن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر خلافا لقول من أنكر ذلك. ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم وتضليل من رأى الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الاستقامة. وندين بإنكار الخروج بالسيف وترك القتال في الفتنة.

 - قال المجدد محمد بن عبد الوهاب: وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام براً كان أو فاجراً وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم , ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته؛ وحرم الخروج عليه.

 -قال في الفتح: (فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا ) قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: الْمُرَاد بِالْمُفَارَقَةِ السَّعْي فِي حَلّ عَقْد الْبَيْعَة الَّتِي حَصَلَتْ لِذَلِكَ الْأَمِير وَلَوْ بِأَدْنَى شَيْء، فَكُنِّيَ عَنْهَا بِمِقْدَارِ الشِّبْر، لِأَنَّ الْأَخْذ فِي ذَلِكَ يَئُولُ إِلَى سَفْك الدِّمَاء بِغَيْرِ حَقٍّ.

 - قوله:(إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) قال في الفتح: قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: الِاسْتِثْنَاء هُنَا بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ أَيْ مَا فَارَقَ الْجَمَاعَة أَحَد إِلَّا جَرَى لَهُ كَذَا، أَوْ حُذِفَتْ " مَا " فَهِيَ مُقَدَّرَة، أَوْ " إِلَّا " زَائِدَة أَوْ عَاطِفَة عَلَى رَأْي الْكُوفِيِّينَ، وَالْمُرَاد بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّة وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيم حَالَة الْمَوْت كَمَوْتِ أَهْل الْجَاهِلِيَّة عَلَى ضَلَال وَلَيْسَ لَهُ إِمَام مُطَاع، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ يَمُوت كَافِرًا بَلْ يَمُوت عَاصِيًا، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون التَّشْبِيه عَلَى ظَاهِره وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوت مِثْل مَوْت الْجَاهِلِيّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِد الزَّجْر وَالتَّنْفِير وَظَاهِره غَيْر مُرَاد.

 - قوله:(عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّه فِيهِ بُرْهَان) قال في الفتح: أَيْ نَصّ آيَة أَوْ خَبَر صَحِيح لَا يَحْتَمِل التَّأْوِيل وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوز الْخُرُوج عَلَيْهِمْ مَا دَامَ فِعْلهمْ يَحْتَمِل التَّأْوِيل.

 - قال في الفتح: نَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدودي قَالَ: الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاء فِي أُمَرَاء الْجَوْر أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى خَلْعه بِغَيْرِ فِتْنَة وَلَا ظُلْم وَجَبَ، وَإِلَّا فَالْوَاجِب الصَّبْر.

 - قال ابن رجب في فتحه: ولم ينه عَن الصلاة وراءهم وإنما أمر بالصلاة فِي الوقت إذا أخر الأمراء الصلاة عَن الوقت، وأمر بالصلاة معهم نافلة.

 

 

 

3 - باب قَوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم –

«هَلاَكُ أمتي عَلَى يدي أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ»

 

7058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أخبرني جدي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ في مَسْجِدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ «هَلَكَةُ أمتي عَلَى يدي غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ». فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بني فُلاَنٍ وبني فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جدي إِلَى بني مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بِالشَّأْمِ، فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلاَءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ. طرفاه 3604، 3605 - تحفة 13084

التعليق:

1- قال في الفتح:(أُغَيْلِمَة) تَصْغِير غِلْمَة جَمْع غُلَام وَوَاحِد الْجَمْع الْمُصَغَّر غُلَيِّم بِالتَّشْدِيدِ يُقَال لِلصَّبِيِّ حِينَ يُولَد إِلَى أَنْ يَحْتَلِم غُلَام وَتَصْغِيره غُلَيِّم وَجَمْعه غِلْمَان وَغِلْمَة وَأُغَيْلِمَة.... وَقَالَ اِبْن الْأَثِير الْمُرَاد بِالْأُغَيْلِمَةِ هُنَا الصَّبِيَّانِ وَلِذَلِكَ صَغَّرَهُمْ. قُلْت: وَقَدْ يُطْلَق الصَّبِيّ وَالْغُلَيِّم بِالتَّصْغِيرِ عَلَى الضَّعِيف الْعَقْل وَالتَّدْبِير وَالدِّين وَلَوْ كَانَ مُحْتَلِمًا وَهُوَ الْمُرَاد هُنَا

2- قَالَ اِبْن بَطَّال: جَاءَ الْمُرَاد بِالْهَلَاكِ مُبَيَّنًا فِي حَدِيث آخَر لِأَبِي هُرَيْرَة أَخْرَجَهُ عَلِيّ بْن مَعْبَد وَابْن أَبِي شَيْبَة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ إِمَارَة الصِّبْيَان، قَالُوا وَمَا إِمَارَة الصِّبْيَان؟ قَالَ: إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ هَلَكْتُمْ - أَيْ فِي دِينكُمْ - وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ أَهْلَكُوكُمْ " أَيْ فِي دُنْيَاكُمْ بِإِزْهَاقِ النَّفْس أَوْ بِإِذْهَابِ الْمَال أَوْ بِهِمَا

3- قَالَ اِبْن بَطَّال: وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَيْضًا حُجَّة لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرْك الْقِيَام عَلَى السُّلْطَان وَلَوْ جَارَ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَبَا هُرَيْرَة بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ وَأَسْمَاء آبَائِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرهُمْ بِالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ مَعَ إِخْبَاره أَنَّ هَلَاك الْأُمَّة عَلَى أَيْدِيهمْ لِكَوْنِ الْخُرُوج أَشَدّ فِي الْهَلَاك وَأَقْرَب إِلَى الِاسْتِئْصَال مِنْ طَاعَتهمْ، فَاخْتَارَ أَخَفّ الْمَفْسَدَتَيْنِ وَأَيْسَر الْأَمْرَيْنِ

 

 

4 - باب قَوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم –

«وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ»

 

7059 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزهري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضي الله عنهن - أَنَّهَا قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النبي -صلى الله عليه وسلم- مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً. قِيلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ». أطرافه 3346، 3598، 7135 - تحفة 15880

7060 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزهري. وحدثني مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزهري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى». قَالُوا, لاَ. قَالَ «فإني لأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ». أطرافه 1878، 2467، 3597 – تحفة

 

التعليق:

 - قال في الفتح: إِنَّمَا خَصَّ الْعَرَب بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ أَوَّل مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام، وَلِلْإِنْذَارِ بِأَنَّ الْفِتَن إِذَا وَقَعَتْ كَانَ الْهَلَاك أَسْرَع إِلَيْهِمْ

 - وقال: وَإِنَّمَا اِخْتَصَّتْ الْمَدِينَة بِذَلِكَ لِأَنَّ قَتْل عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ بِهَا، ثُمَّ اِنْتَشَرَتْ الْفِتَن فِي الْبِلَاد بَعْدَ ذَلِكَ.

- وقال: وَعَقَدَ سُفْيَان تِسْعِينَ أَوْ مِائَة " وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بْن كَثِير عَنْ الزُّهْرِيّ عِنْد أَبِي عَوَانَة وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِثْل هَذِهِ " وَعَقَدَ تِسْعِينَ " وَلَمْ يُعَيِّن الَّذِي عَقَدَ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ عَمْرو النَّاقِد عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ " وَعَقَدَ سُفْيَان عَشَرَة " وَلِابْنِ حِبَّان مِنْ طَرِيق شُرَيْحِ بْن يُونُس عَنْ سُفْيَان " وَحَلَّقَ بِيَدِهِ عَشَرَة " وَلَمْ يُعَيِّن أَنَّ الَّذِي حَلَّقَ هُوَ سُفْيَان، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ بِدُونِ ذِكْر الْعَقْد، وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة مِنْ رِوَايَة شُعَيْب وَفِي تَرْجَمَة ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ طَرِيق عُقَيْل، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيث الَّذِي بَعْدَهُ " وَعَقَدَ وُهَيْب تِسْعِينَ " وَهُوَ عِنْد مُسْلِم أَيْضًا، قَالَ عِيَاض وَغَيْره: هَذِهِ الرِّوَايَات مُتَّفِقَة إِلَّا قَوْله عَشَرَة. قُلْت: وَكَذَا الشَّكّ فِي الْمِائَة لِأَنَّ صِفَاتهَا عِنْد أَهْل الْمَعْرِفَة بِعَقْدِ الْحِسَاب مُخْتَلِفَة وَإِنْ اِتَّفَقَتْ فِي أَنَّهَا تُشْبِه الْحَلْقَة، فَعَقْد الْعَشَرَة أَنْ يُجْعَل طَرَف السَّبَّابَة الْيُمْنَى فِي بَاطِن طَيّ عُقْدَة الْإِبْهَام الْعُلْيَا وَعَقْد التِّسْعِينَ أَنْ يُجْعَل طَرَف السَّبَّابَة الْيُمْنَى فِي أَصْلهَا وَيَضُمّهَا ضَمًّا مُحْكَمًا بِحَيْثُ تَنْطَوِي عُقْدَتَاهَا حَتَّى تَصِير مِثْل الْحَيَّة الْمُطَوِّقَة. وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ صُورَته أَنْ يَجْعَل السَّبَّابَة فِي وَسَط الْإِبْهَام، وَرَدَّهُ اِبْن التِّين بِمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ الْمَعْرُوف وَعَقْد الْمِائَة مِثْل عَقْد التِّسْعِينَ لَكِنْ بِالْخِنْصَرِ الْيُسْرَى، فَعَلَى هَذَا فَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَة مُتَقَارِبَانِ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ فِيهِمَا الشَّكّ. وَأَمَّا الْعَشَرَة فَمُغَايِرَة لَهُمَا.

 - قال ابن بطال: هذه الأحاديث كلها مما أنذر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها أمته وعرّفهم قرب الساعة لكي يتوبوا قبل أن يهجم عليهم وقت غلق باب التوبة حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، وقد ثبت أن خروج يأجوج ومأجوج من آخر الأشراط، فإذا فتح من ردمهم في وقته -صلى الله عليه وسلم- مثل عقد التسعين أو المائة فلا يزال الفتح يستدير ويتسع على مرّ الأوقات، وهذا الحديث في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «بعثت أنا والساعة كهاتين. وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها» وقد روى النضر بن شميل، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله: «ويل للعرب من شر قد اقترب، موتوا إن استطعتم» وهذا غاية في التحذير من الفتن والخوض فيها حين جعل الموت خيرًا من مباشرتها، وكذلك أخبر في حديث أسامة بوقوع الفتن خلال بيوتهم ليتوقفوا ولا يخوضوا فيها ويتأهبوا لنزولها بالصبر، ويسألوا الله العصمة منها والنجاة من شرها.

قال ابن قتيبة: والخبث: الفسوق والفجور، والعرب تدعو الزنا خبثًا وخبيثة، وفى الحديث أن رجلا وجد مع امرأة يخبث بها أي يزني. قال الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} والأطم: حصن مبنى بالحجارة.أ.هـ

 

 

5 - باب ظُهُورِ الْفِتَنِ

 

7061 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزهري عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ. قَالَ «الْقَتْلُ الْقَتْلُ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7115، 7121 تحفة 13272 - 61/9

7062 - وَقَالَ شُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أخي الزهري عَنِ الزهري عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-. طرفه 7066 - تحفة 12282

7063 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالاَ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ بَيْنَ يدي السَّاعَةِ لأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ». طرفاه 7064، 7065 - تحفة 9259، 9000

7064 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ جَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو مُوسَى فَتَحَدَّثَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ بَيْنَ يدي السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ». طرفاه 7063، 7065 - تحفة 9000، 9259

7065 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ إني لَجَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى - رضي الله عنهما - فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَهُ، وَالْهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ. طرفاه 7063، 7064 – تحفة

7066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَحْسِبُهُ رَفَعَهُ قَالَ «بَيْنَ يدي السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ، يَزُولُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ فِيهَا الْجَهْلُ». قَالَ أَبُو مُوسَى وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ. طرفه 7062 - تحفة 9313، 9000

7067 - وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ الأشعري أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ تَعْلَمُ الأَيَّامَ التي ذَكَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَيَّامَ الْهَرْجِ. نَحْوَهُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ». تحفة 9277، 9350، 9000

 

التعليق:

1-قال في الفتح قَالَ اِبْنِ بَطَّال: وَجَمِيع مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْأَشْرَاط قَدْ رَأَيْنَاهَا عِيَانًا فَقَدْ نَقَصَ الْعِلْم وَظَهَرَ الْجَهْل وَأُلْقِيَ الشُّحّ فِي الْقُلُوب وَعَمَّتْ الْفِتَن وَكَثُرَ الْقَتْل قُلْت: الَّذِي يَظْهَر أَنَّ الَّذِي شَاهَدَهُ كَانَ مِنْهُ الْكَثِير مَعَ وُجُود مُقَابِله، وَالْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث اِسْتِحْكَام ذَلِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِمَّا يُقَابِلهُ إِلَّا النَّادِر، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِالتَّعْبِيرِ بِقَبْضِ الْعِلْم فَلَا يَبْقَى إِلَّا الْجَهْل الصِّرْف، وَلَا يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ وُجُود طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ حِينَئِذٍ مَغْمُورِينَ فِي أُولَئِكَ، وَيُؤَيِّد ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ اِبْنِ مَاجَهْ بِسَنَدٍ قَوِيّ عَنْ حُذَيْفَة قَالَ " يَدْرُس الْإِسْلَام كَمَا يَدْرُس وَشْي الثَّوْب حَتَّى لَا يَدْرِي مَا صِيَام وَلَا صَلَاة وَلَا نُسُك وَلَا صَدَقَة وَيُسْرَى عَلَى الْكِتَاب فِي لَيْلَة فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْض مِنْهُ آيَة " الْحَدِيث

2- وقال عند حديث أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى يَتَقَارَب الزَّمَان فَتَكُونَ السَّنَة كَالشَّهْرِ وَالشَّهْر كَالْجُمْعَةِ وَالْجُمْعَة كَالْيَوْمِ وَيَكُونُ الْيَوْم كَالسَّاعَةِ وَتَكُونُ السَّاعَة كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَة " وَالْحَقّ أَنَّ الْمُرَاد نَزْع الْبَرَكَة مِنْ كُلّ شَيْء حَتَّى مِنْ الزَّمَان وَذَلِكَ مِنْ عَلَامَات قُرْب السَّاعَة.... قَالَ النَّوَوِيّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ وَغَيْره: الْمُرَاد بِقِصَرِهِ عَدَم الْبَرَكَة فِيهِ وَأَنَّ الْيَوْم مَثَلًا يَصِير الِانْتِفَاع بِهِ بِقَدْرِ الِانْتِفَاع بِالسَّاعَةِ الْوَاحِدَة، قَالُوا وَهَذَا أَظْهَر وَأَكْثَر فَائِدَة وَأَوْفَق لِبَقِيَّةِ الْأَحَادِيث، وَقَدْ قِيلَ فِي تَفْسِير قَوْله " يَتَقَارَب الزَّمَان " قِصَر الْأَعْمَار بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلّ طَبَقَة فَالطَّبَقَة الْأَخِيرَة أَقْصَر أَعْمَارًا مِنْ الطَّبَقَة الَّتِي قَبْلهَا، وَقِيلَ تَقَارُب أَحْوَالهمْ فِي الشَّرّ وَالْفَسَاد وَالْجَهْل، وَهَذَا اِخْتِيَار الطَّحَاوِيّ.... وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ الْمُرَاد بِتَقَارُبِ الزَّمَان تَسَارُع الدُّوَل إِلَى الِانْقِضَاء وَالْقُرُون إِلَى الِانْقِرَاض فَيَتَقَارَب زَمَانهمْ وَتَتَدَانَى أَيَّامهمْ... الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " يَنْقُص الْعِلْم " فَقِيلَ الْمُرَاد نَقْص عِلْم كُلّ عَالِمٍ بِأَنْ يَطْرَأ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ مَثَلًا، وَقِيلَ نَقْص الْعِلْم بِمَوْتِ أَهْله فَكُلَّمَا مَاتَ عَالِمٌ فِي بَلَدٍ وَلَمْ يَخْلُفهُ غَيْره نَقَصَ الْعِلْم مِنْ تِلْكَ الْبَلَد، وَأَمَّا نَقْص الْعَمَل فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ فَرْد فَرْد، فَإِنَّ الْعَامِل إِذَا دَهَمَتْهُ الْخُطُوب أَلْهَتْهُ عَنْ أَوْرَاده وَعِبَادَته، وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَادَ بِهِ ظُهُور الْخِيَانَة فِي الْأَمَانَات وَالصِّنَاعَات.... وَأَمَّا قَوْله " وَيُلْقَى الشُّحّ " فَالْمُرَاد إِلْقَاؤُهُ فِي قُلُوب النَّاس عَلَى اِخْتِلَاف أَحْوَالهمْ حَتَّى يَبْخَل الْعَالِم بِعِلْمِهِ فَيَتْرُك التَّعْلِيم وَالْفَتْوَى، وَيَبْخَل الصَّانِع بِصِنَاعَتِهِ حَتَّى يَتْرُك تَعْلِيم غَيْره، وَيَبْخَل الْغَنِيّ بِمَالِهِ حَتَّى يَهْلِك الْفَقِير، وَلَيْسَ الْمُرَاد وُجُود أَصْلِ الشُّحّ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا

 - قال في الفتح:قَوْله (مِنْ شِرَار النَّاس مَنْ تُدْرِكهُمْ السَّاعَة وَهُمْ أَحْيَاء)

قَالَ اِبْن بَطَّال: هَذَا وَإِنْ كَانَ لَفْظه لَفْظ الْعُمُوم فَالْمُرَاد بِهِ الْخُصُوص، وَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّاعَة تَقُوم فِي الْأَكْثَر وَالْأَغْلَب عَلَى شِرَار النَّاس بِدَلِيلِ قَوْله " لَا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقّ حَتَّى تَقُوم السَّاعَة " فَدَلَّ هَذَا الْخَبَر أَنَّ السَّاعَة تَقُوم أَيْضًا عَلَى قَوْم فُضَلَاء. قُلْت: وَلَا يَتَعَيَّن مَا قَالَ، فَقَدْ جَاءَ مَا يُؤَيِّد الْعُمُوم الْمَذْكُور كَقَوْلِهِ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود أَيْضًا رَفَعَهُ " لَا تَقُوم السَّاعَة إِلَّا عَلَى شِرَار النَّاس " أَخْرَجَهُ مُسْلِم، وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " إِنَّ اللَّه يَبْعَث رِيحًا مِنْ الْيَمَن أَلْيَن مِنْ الْحَرِير فَلَا تَدَع أَحَدًا فِي قَلْبه مِثْقَال ذَرَّة مِنْ إِيمَان إِلَّا قَبَضَتْهُ " وَلَهُ فِي آخِر حَدِيث النَّوَّاس بْن سَمْعَان الطَّوِيل فِي قِصَّة الدَّجَّال وَعِيسَى وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج " إِذْ بَعَثَ اللَّه رِيحًا طَيِّبَة فَتَقْبِض رُوح كُلّ مُؤْمِن وَمُسْلِم وَيَبْقَى شِرَار النَّاس يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحُمُر فَعَلَيْهِمْ تَقُوم السَّاعَة ".

 

6 - باب لاَ يأتي زَمَانٌ إِلاَّ الذي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ

 

7068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِىٍّ قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يأتي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الذي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ». سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم-. تحفة 836 - 62/9

7069 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهري ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حدثني أخي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً فَزِعًا يَقُولُ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ - يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ - لكي يُصَلِّينَ، رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ في الآخِرَةِ». أطرافه 115، 1126، 3599، 5844، 6218 - تحفة 18290

 

التعليق:

1- قال في الفتح:  قَالَ اِبْن بَطَّال: هَذَا الْخَبَر- حديث أنس- مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة لِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَسَادِ الْأَحْوَال، وَذَلِكَ مِنْ الْغَيْب الَّذِي لَا يُعْلَم بِالرَّأْيِ وَإِنَّمَا يُعْلَم بِالْوَحْيِ اِنْتَهَى. وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ هَذَا الْإِطْلَاق مَعَ أَنَّ بَعْض الْأَزْمِنَة تَكُون فِي الشَّرّ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا زَمَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَهُوَ بَعْدَ زَمَن الْحَجَّاج بِيَسِيرٍ، وَقَدْ اِشْتَهَرَ الْخَبَر الَّذِي كَانَ فِي زَمَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز، بَلْ لَوْ قِيلَ أَنَّ الشَّرّ اِضْمَحَلَّ فِي زَمَانه لَمَّا كَانَ بَعِيدًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُون شَرًّا مِنْ الزَّمَن الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ حَمَلَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَلَى الْأَكْثَر الْأَغْلَب، فَسُئِلَ عَنْ وُجُود عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بَعْدَ الْحَجَّاج فَقَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيس. وَأَجَابَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمُرَاد بِالتَّفْضِيلِ تَفْضِيل مَجْمُوع الْعَصْر عَلَى مَجْمُوع الْعَصْر فَإِنَّ عَصْر الْحَجَّاج كَانَ فِيهِ كَثِير مِنْ الصَّحَابَة فِي الْأَحْيَاء وَفِي عَصْر عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز اِنْقَرَضُوا، وَالزَّمَان الَّذِي فِيهِ الصَّحَابَة خَيْر مِنْ الزَّمَان الَّذِي بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَيْر الْقُرُون قَرْنِي " وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَوْله " أَصْحَابِي أَمَنَة لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " أَخْرَجَهُ مُسْلِم. ثُمَّ وَجَدْت عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود التَّصْرِيح بِالْمُرَادِ وَهُوَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، فَأَخْرَجَ يَعْقُوب بْن شَيْبَة مِنْ طَرِيق الْحَارِث بْن حَصِيرَة عَنْ زَيْد بْن وَهْب قَالَ " سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَقُول: لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْم إِلَّا وَهُوَ شَرّ مِنْ الْيَوْم الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى تَقُوم السَّاعَة، لَسْت أَعْنِي رَخَاء مِنْ الْعَيْش يُصِيبهُ وَلَا مَالًا يُفِيدُهُ وَلَكِنْ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْم وَإِلَّا وَهُوَ أَقَلّ عِلْمًا مِنْ الْيَوْم الَّذِي مَضَى قَبْلَهُ، فَإِذَا ذَهَبَ الْعُلَمَاء اِسْتَوَى النَّاس فَلَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْلَكُونَ "

2-قال في عمدة القاري: ومعنى كاسية في الدنيا عارية في الآخرة كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا وقيل كاسية في الدنيا لكنها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك وقيل كاسية من النعم عارية من الشكر فهي عارية في الآخرة من الثواب

3- قال ابن بطال: (من يوقظ صواحب الحجرات)، يريد أزواجه (صلى الله عليه وسلم)، يعنى من يوقظهن للصلاة بالليل، وهذا يدل أن الصلاة تنجى من شر الفتن، ويُعتصم بها من المحن.

 

 

 

7 - باب قَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم

«مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا»

 

7070 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». طرفه 6874 - تحفة 8364

7071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». تحفة 9042

7072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ في يَدِهِ، فَيَقَعُ في حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ». تحفة 14710

7073 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرٍو يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ في الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا». قَالَ نَعَمْ. طرفاه 451، 7074 - تحفة 2527

7074 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ في الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا، لاَ يَخْدِشُ مُسْلِمًا. طرفاه 451، 7073 - تحفة 2513

7075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ في مَسْجِدِنَا أَوْ في سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا - أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ - أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شيء». طرفه 452 - تحفة 9039

 

التعليق:

1- قال في الفتح: ومعنى الحديث. حمل السلاح على المسلمين لقتالهم به بغير حق لما في ذلك من تخويفهم وإدخال الرعب عليهم، وكأنه كني بالحمل عن المقاتلة أو القتل للملازمة الغالبة. قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يراد بالحمل ما يضاد الوضع ويكون كناية عن القتال به، ويحتمل أن يراد بالحمل حمله لإرادة القتال به لقرينة قوله: "علينا " ويحتمل أن يكون المراد حمله للضرب به، وعلى كل حال ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه. قلت: جاء الحديث بلفظ: "من شهر علينا السلاح " أخرجه البزار من حديث أبي بكرة، ومن حديث سمرة، ومن حديث عمرو بن عوف، وفي سند كل منها لين لكنها يعضد بعضها بعضا وعند أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ: "من رمانا بالنبل فليس منا " وهو عند الطبراني في " الأوسط " بلفظ: "الليل " بدل النبل وعند البزار من حديث بريدة مثله. قوله: "فليس منا" أي ليس على طريقتنا، أو ليس متبعا لطريقتنا، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله ونظيره " من غشنا فليس منا وليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب " وهذا في حق من لا يستحل ذلك، فأما من يستحله فإنه يكفر باستحلال المحرم بشرطه لا مجرد حمل السلاح، والأولى عند كثير من السلف إطلاق لفظ الخبر من غير تعرض لتأويله ليكون أبلغ في الزجر، وكان سفيان بن عيينة ينكر على من يصرفه عن ظاهره فيقول: معناه ليس على طريقتنا، ويرى أن الإمساك عن تأويله أولى لما ذكرناه، والوعيد المذكور لا يتناول من قاتل البغاة من أهل الحق فيحمل على البغاة وعلى من بدأ بالقتال ظالما.

2- وقال: "فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده" بالغين المعجمة قال الخليل في العين نزغ الشيطان بين القوم نزغا حمل بعضهم على بعض بالفساد ومنه "من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي" وفي رواية الكشميهني بالعين المهملة ومعناه قلع، ونزع بالسهم رمى به، والمراد أنه يغري بينهم حتى يضرب أحدهما الآخر بسلاحه فيحقق الشيطان ضربته له وقال ابن التين: معنى ينزعه يقلعه من يده فيصيب به الآخر أو يشد يده فيصيبه.

 

 

 

8 - باب قَوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم –

 «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ».

 

7076 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حدثني أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». طرفاه 48، 6044 - تحفة 9251 - 63/9

7077 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أخبرني وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 1742، 4403، 6043، 6166، 6785، 6868 - تحفة 7418

7078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ في نفسي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «أَلاَ تَدْرُونَ أي يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. فَقَالَ «أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أي بَلَدٍ، هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ - قَالَ - لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الحضرمي، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ. قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِى بَكْرَةَ. فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فحدثتني أمي عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَىَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ. أطرافه 67، 105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7447 تحفة 11682، 11708، 11671

7079 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَرْتَدُّوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1739 - تحفة 6185

7080 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في حَجَّةِ الْوَدَاعِ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ». ثُمَّ قَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 121، 4405، 6869 - تحفة 3236 - 64/9

 

التعليق:

 - قال ابن حجر: قَوْله (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا)جُمْلَة مَا فِيهِ مِنْ الْأَقْوَال ثَمَانِيَة: أَحَدهَا قَوْل الْخَوَارِج إِنَّهُ عَلَى ظَاهِره، ثَانِيهَا هُوَ فِي الْمُسْتَحِلِّينَ، ثَالِثهَا الْمَعْنَى كُفَّارًا بِحُرْمَةِ الدِّمَاء وَحُرْمَة الْمُسْلِمِينَ وَحُقُوق الدِّين، رَابِعهَا تَفْعَلُونَ فِعْل الْكُفَّار فِي قَتْل بَعْضهمْ بَعْضًا، خَامِسهَا لَابِسِينَ السِّلَاح يُقَال كَفَرَ دِرْعَهُ إِذَا لَبِسَ فَوْقهَا ثَوْبًا، سَادِسهَا كُفَّارًا بِنِعْمَةِ اللَّه، سَابِعهَا الْمُرَاد الزَّجْر عَنْ الْفِعْل وَلَيْسَ ظَاهِره مُرَادًا، ثَامِنهَا لَا يُكَفِّر بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَأَنْ يَقُول أَحَد الْفَرِيقَيْنِ لِلْآخَرِ يَا كَافِر فَيَكْفُر أَحَدهمَا، ثُمَّ وَجَدْت تَاسِعًا وَعَاشِرًا ذَكَرْتهمَا فِي كِتَاب الْفِتَن.

- قال: ثُمَّ وَقَفْت عَلَى تَاسِع وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد سَتْر الْحَقّ وَالْكُفْر لُغَة السَّتْر، لِأَنَّ حَقّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم أَنْ يَنْصُرهُ وَيُعِينهُ، فَلَمَّا قَاتَلَهُ كَأَنَّهُ غَطَّى عَلَى حَقّه الثَّابِت لَهُ عَلَيْهِ. وَعَاشِر وَهُوَ أَنَّ الْفِعْل الْمَذْكُور يُفْضِي إِلَى الْكُفْر، لِأَنَّ مَنْ اِعْتَادَ الْهُجُوم عَلَى كِبَار الْمَعَاصِي جَرَّهُ شُؤْم ذَلِكَ إِلَى أَشَدّ مِنْهَا فَيُخْشَى أَنْ لَا يُخْتَم لَهُ بِخَاتِمَةِ الْإِسْلَام.

 - قال في الفتح: (فُسُوق)

الْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج، وَفِي الشَّرْع: الْخُرُوج عَنْ طَاعَة اللَّه وَرَسُوله، وَهُوَ فِي عُرْف الشَّرْع أَشَدّ مِنْ الْعِصْيَان، قَالَ اللَّه تَعَالَى (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان)، فَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم حَقّ الْمُسْلِم وَالْحُكْم عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقّ بِالْفِسْقِ، وَمُقْتَضَاهُ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة. وَعُرِفَ مِنْ هَذَا مُطَابَقَة جَوَاب أَبِي وَائِل لِلسُّؤَالِ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ قَالَ: كَيْف تَكُون مَقَالَتهمْ حَقًّا وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول هَذَا..

 - قال العيني: فإن قلت هذا الحديث وإن تضمن الرد على المرجئة لكن ظاهره يقوي مذهب الخوارج الذي يكفرون بالمعاصي قلت لا نسلم ذلك لأنه لم يرد بقوله وقتاله كفر حقيقة الكفر التي هي خروج عن الملة بل إنما أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير والإجماع من أهل السنة منعقد على أن المؤمن لا يكفر بالقتال ولا يفعل معصية .

- قال في الفتح:  قَوْله (مَا بَهِشْت) بِكَسْرِ الْهَاء وَسُكُون الْمُعْجَمَة، وَلِلكُشْمِيهَنِيّ بِفَتْحِ الْهَاء وَهُمَا لُغَتَانِ، وَالْمَعْنَى مَا دَافَعْتهمْ يُقَال بَهَشَ بَعْض الْقَوْم إِلَى بَعْض إِذَا تَرَامَوْا لِلْقِتَالِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ مَا مَدَدْت يَدِي إِلَى قَصَبَة وَلَا تَنَاوَلْتهَا لِأُدَافِعَ بِهَا عَنِّي.

 - قوله:(اسْتَنْصِتِ النَّاسَ) قال ابن بطال: قال أبو الزناد: الإنصات للعلماء، والتوقير لهم، لازم للمتعلمين، لأن العلماء ورثة الأنبياء، وقد أمر الله عباده المؤمنين ألا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجهروا له بالقول خوف حبوط أعمالهم، وكان عبد الرحمن بن مهدي إذا قرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالسكوت، وقرأ: (لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي) [الحجرات: 2]، ويتأول أنه يجب من الإنصات والتوقير عند قراءة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مثل ما يجب له صلى الله عليه وسلم ، فكذلك يجب توقير العلماء والإنصات لهم، لأنهم الذين يحيون سنته، ويقومون بشريعته. وقال شريك: كان الأعمش لا يتجاوز صوته مجلسهُ إجلالاً للعلم. وقال مطرف: كان مالك إذا أراد الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، اغتسل وتطيب ولبس ثيابًا جددًا، ثم تحدث، إجلالاً لحديثه صلى الله عليه وسلم . وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: كان يُستحب أن لا يُقرأ أحاديث النبي إلا على وضوءٍ. قال شعبة: كان قتادة لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو على طهارة. وحكى مالك عن جعفر بن محمد، مثله. وكان الأعمش إذا أراد أن يحدث، وهو على غير وضوء تَيَمَّمَ. وقال ابن أبى الزناد: ذكر سعيد بن المسيب حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض، فقال: أجلسوني، فإني أُعْظِمُ أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع. وقال ابن أبى أويس: كان مالك إذا جلس للحديث يقول: ليليني منكم ذووا الأحلام والنهى، فربما قعد القعنبى عن يمينه، وهذا كله من إجلال النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره.

 

 

9 - باب تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ.

 

7081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ وحدثني صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الماشي، والماشي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الساعي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفاه 3601، 7082 - تحفة 14953، 13179

7082 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهري أخبرني أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الماشي، والماشي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الساعي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفاه 3601، 7081 - تحفة 15169

 

التعليق:

1- قال ابن بطال:قال الطبري: إن قال قائل: ما معنى هذا الحديث، وهل المراد به كل فتنة بين المسلمين أو بعض الفتن دون البعض؟ فإن قلت: المعنى به كل فتنةٍ، فما أنت قائل في الفتن التي مضت، وقد علمت أنه نهض فيها من خيار المسلمين خلق كثير، وإن قلت المعنى به البعض، فأيتها المعنيّة به، وما الدليل على ذلك؟ قيل: قد اختلف السلف في ذلك، فقال بعضهم: المراد به جميع الفتن وغير جائز للمسلم النهوض في شيء منها، قالوا: وعليه أن يستسلم للقتل إن أريدت نفسه ولا يدفع عنها، والفتنة: الاختلاف الذي يكون بين أهل الإسلام ولا إمام لهم مجتمع على الرضا بإمامته لما يستنكر من سيرته في رعيته، فافترقت رعيته عليه حتى صار افتراقهم إلى القتال بأن رضيت منهم فرقة إمامًا غيره، وأقامت فرقة على الرضا به، قالوا: وإذا كان كل واحد من هذين المعنيين، فهي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكسر السيوف فيها ولزوم البيوت وهى التي قال صلى الله عليه وسلم: (القاعد فيها خير من القائم) وممن قعد في الفتنة حذيفة، ومحمد بن سلمة، وأبو ذر، وعمران بن حصين، وأبو موسى الأشعري، وأسامة بن زيد، وأهبان بن صيفي، وسعد بن أبى وقاص، وابن عمر، وأبو بكرة، ومن التابعين شريح والنخعي، وحجتهم من طريق النظر أن كل فريق من المقتتلين في الفتنة فإنه يقاتل على تأويل، وإن كان في الحقيقة خطأ فهو عند نفسه فيه محق وغير جائز لأحدٍ قتله.

 

 

 

10 - باب إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا.

 

7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ خَرَجْتُ بسلاحي ليالي الْفِتْنَةِ فاستقبلني أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلاَهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ «إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ». قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لأَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يحدثاني بِهِ فَقَالاَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَسَنُ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِهَذَا. طرفاه 31، 6875 تحفة 11655

7083  - وَقَالَ مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَرَوَاهُ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ. تحفة 11655، 11699 - 65/9

7083  - وَقَالَ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ ربعي بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-. وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ. تحفة 11672

 

التعليق:

1- (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ) قال في شرح البخاري لابن بطال: ولهذا الحديث أيضًا قعد من قعد من الصحابة عن الدخول في الفتنة ولزموا بيوتهم، وفسر أهل العلم هذا الحديث فقالوا: قوله (صلى الله عليه وسلم): (القاتل والمقتول في النار) ليس هو على الحتم لهما بالنار، وإنما معناه أنهما يستحقان النار إلا أن يشاء الله أن يغفر لهما؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) سمّاهما مسلمين وإن قتل أحدهما صاحبه، ومذهب جماعة أهل السنة أن الله تعالى في وعيده لعصاة المؤمنين بالخيار إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم، وقد تقدّم في كتاب الإيمان. وقال المؤلف: في حديث أبى بكرة أنه إذا التقى المسلمان بسيفيهما واختلفت طائفتان على التأويل في الدين، ولم يتبين البغي من أحدهما أنه يجبُ القعود عنهما وملازمة البيوت، ولهذا تخلف محمد بن مسلمة، وسعد بن أبى وقاص، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وحذيفة وجماعة عن تلك المشاهد؛ لأنه لم يتبين لهم ما قام فيه المقتتلون، وأخذوا بقوله (صلى الله عليه وسلم): (تكون فتن القاعد فيها خير من القائم) فأما إذا ظهر البغي في إحدى الطائفتين لم يحل لمسلم أن يتخلف عن قتال الباغية لقوله تعالى: (فَقَاتِلُوا التي تبغي حَتَّى تفيء إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) [الحجرات: 9] ولو أمسك المسلمون عن قتال أهل البغي لبطلت فريضة الله تعالى وهذا يدل أن قوله: (فالقاتل والمقتول في النار) ليس في أحد من أصحاب محمد؛ لأنهم قاتلوا على التأويل، وقال بعض العلماء: فإن قال قائل: فبأي الطائفتين كانت أولى بالحق؟ قيل: كلا الطائفتين عندنا محمودة مجتهدة برة تقية، وقد قعد عنها أصحاب النبي ولم يروا في ذلك بيانًا، وهم كانوا أولى بمعرفة الحق فكيف يحكم لأحد الفريقين على الآخر، ألا ترى أن النبي شهد لعلى وطلحة والزبير بالشهادة، فكيف يكون شهيدًا من يحل دمه، وكيف يحكم لأحد الفريقين على الآخر وكلاهما شهداء؟ روى خالد بن خداش، عن الدراوردى، عن سهيل عن أبيه، عن أبى هريرة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير على حراء فتحرك، فقال رسول الله: اسكن حراء، فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيد) وكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب على المسلمين توقيرهم والإمساك عن ذكر زللهم ونشر محاسنهم، وكل من ذهب منهم إلى تأويل فهو معذور، وإن كان بعضهم أفضل من بعض وأكثر سوابق.

2- قال في الفتح: قَوْله " إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْل صَاحِبه " اِحْتَجَّ بِهِ الْبَاقِلَّانِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْمَعْصِيَة يَأْثَم وَلَوْ لَمْ يَفْعَلهَا، وَأَجَابَ مَنْ خَالَفَهُ بِأَنَّ هَذَا شُرِعَ فِي الْفِعْل وَالِاخْتِلَاف فِيمَنْ هَمَّ مُجَرَّدًا ثُمَّ صَمَّمَ وَلَمْ يَفْعَل شَيْئًا هَلْ يَأْثَم.

3- قال في الفتح:ذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين، وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في ذلك على من ضعف عن القتال أو قصر نظره عن معرفة صاحب الحق، واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين كما سيأتي بيانه في كتاب الأحكام، وحمل هؤلاء الوعيد المذكور في الحديث على من قاتل بغير تأويل سائغ بل بمجرد طلب الملك.

 

 

 

11 - باب كَيْفَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ.

 

7084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حدثني بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الحضرمي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشر، مَخَافَةَ أَنْ يدركني فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ فَمَا تأمرني إِنْ أدركني ذَلِكَ قَالَ «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». طرفاه 3606، 3607 - تحفة 3362

 

التعليق:

- قال في الفتح: والمعنى ما الذي يفعل المسلم في حال الاختلاف من قبل ألا يقع الإجماع على خليفة

- قال ابن بطال: وقال الخطابي: إنما كان يسأل حذيفة عن الشر ليعرف موضعه فيتوقاه، وذلك أن الجاهل بالشر أسرع إليه وأشد وقوعًا فيه وروى عن بعض السلف أنه قيل له: إن فلانًا لا يعرف الشر. قال: ذاك أجدر أن يقع فيه، ولهذا صار عامّة ما يروى من أحاديث الفتن وأكثر ما يذكر من أحوال المنافقين ونعوتهم منسوبة إليه ومأخوذة عنه.

- قال في الفتح: قال الطبري: اختلف أهل العلم في معنى أمر النبي بلزوم الجماعة ونهيه عن الفرقة، وصفة الجماعة التي أمر بلزومها، فقال بعضهم: هو أمر إيجاب وفرض، والجماعة التي أمرهم بلزومها: السواد الأعظم، وقالوا: كل ما كان عليه السواد الأعظم من أهل الإسلام من أمر دينهم فهو الحق الواجب والفرض الثابت، الذي لا يجوز لأحدٍ من المسلمين خلافه، وسواء خالفهم في حكم من الأحكام أو خالفهم في إمامهم القيم بأمرهم وسلطانهم، فهو للحق مخالف.

- قال في لفتح لابن رجب: وقد اعتزل جماعة من أصحابه في الفتن في البوادي. وقال الإمام أحمد: إذا كانت الفتنة فلا بأس أن يعتزل الرجل حيث شاء، فأما إذا لم يكن فتنة فالأمصار خير. فأما سكنى البوادي على وجه العبادة وطلب السياحة والعزلة فمنهي عنه ..... قال الإمام أحمد: ليست السياحة من الإسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. والسياحة على هذا الوجه قد فعلها طوائف ممن ينسب على عبادة واجتهاد بغير علم، ومنهم من رجع لما عرف ذلك. وقد كان في زمن ابن مسعود من المتعبدين خرجوا إلى ظاهر الكوفة وبنوا مسجدا يتعبدون فيه، منهم: عمرو بن هتبة، ومفضل العجلي، فخرج إليهم ابن مسعود وردهم على الكوفة وهدم مسجدهم وقال: إما أن تكونوا أهدى من أصحاب محمد أو تكونوا متمسكين بذنب الضلالة. وإسناده هذا صحيح عن الشعبي أنه حكى ذلك. وقد رأى عبد الله بن غالب الحداني رجلا في فلاة رزقه لا يدري من أين يأتيه فقال له: إن هذه الأمة لم تؤمر بهذا؛ إنما أمرت بالجمعة والجماعة وعيادة المرضى وتشييع الجنائز، فقبل منه وانتقل من ساعته إلى قرية فيها هذا كله.

 

 

 

12 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ.

 

7085 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فنهاني أَشَدَّ النَّهْىِ ثُمَّ قَالَ أخبرني ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فيأتي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ، فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظالمي أَنْفُسِهِمْ) طرفه 4596 - تحفة 6210

 

التعليق:

- قال في الفتح: قوله: "باب من كره أن يكثر" بالتشديد "سواد الفتن والظلم" أي أهلهما، والمراد بالسواد وهو بفتح المهملة وتخفيف الواو الأشخاص، وقد جاء عن ابن مسعود مرفوعا: "من كثر سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم

- قال في الفتح: قوله: "قطع" بضم أوله. قوله: "بعث" أي جيش، والمعنى أنهم ألزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام، وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة.

- قال ابن بطال: ومما يشبه معنى هذا الحديث في مشاركة أهل الظلم في الوزر قوله صلى الله عليه وسلم: (من آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)

- قال القرطبي في تفسيره: المراد بها جماعة من أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا، فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار، فنزلت الآية.

- قال ابن سعدي: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا }.

هذا الوعيد الشديد لمن ترك الهجرة مع قدرته عليها حتى مات، فإن الملائكة الذين يقبضون روحه يوبخونه بهذا التوبيخ العظيم، ويقولون لهم: { فِيمَ كُنْتُمْ } أي: على أي حال كنتم؟ وبأي شيء تميزتم عن المشركين؟ بل كثرتم سوادهم، وربما ظاهرتموهم على المؤمنين، وفاتكم الخير الكثير، والجهاد مع رسوله، والكون مع المسلمين، ومعاونتهم على أعدائهم.

{ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْض } أي: ضعفاء مقهورين مظلومين، ليس لنا قدرة على الهجرة. وهم غير صادقين في ذلك لأن الله وبخهم وتوعدهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، واستثنى المستضعفين حقيقة.

ولهذا قالت لهم الملائكة: { أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } وهذا استفهام تقرير، أي: قد تقرر عند كل أحد أن أرض الله واسعة، فحيثما كان العبد في محل لا يتمكن فيه من إظهار دينه، فإن له متسعًا وفسحة من الأرض يتمكن فيها من عبادة الله، كما قال تعالى: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } قال الله عن هؤلاء الذين لا عذر لهم: { فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } وهذا كما تقدم، فيه ذكر بيان السبب الموجِب، فقد يترتب عليه مقتضاه، مع اجتماع شروطه وانتفاء موانعه، وقد يمنع من ذلك مانع.

 

 

 

 

 

13 - باب إِذَا بَقِىَ في حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ.

 

7086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شيء، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ في بني فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا أَظْرَفَهُ، وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ، وَلاَ أُبَالِى أَيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». طرفاه 6497، 7276 - تحفة 3328 - 66/9

 

التعليق:

- (إِذَا بَقِىَ في حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ) قال ابن حجر: قال ابن بطال: أشار البخاري إلى هذا الحديث ولم يخرجه لأن العلاء ليس من شرطه فأدخل معناه في حديث حذيفة. قلت: يجتمع معه في قلة الأمانة وعدم الوفاء بالعهد وشدة الاختلاف، وفي كل منهما زيادة ليست في الآخر، وقد ورد عن ابن عمر مثل حديث أبي هريرة أخرجه حنبل بن إسحاق في كتاب الفتن من طريق عاصم بن محمد عن أخيه واقد وتقدم في أبواب المساجد من كتاب الصلاة من طريق واقد وهو محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، سمعت أبي يقول قال عبد الله بن عمر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس " إلى هنا انتهى ما في البخاري وبقيته عند حنبل مثل حديث أبي هريرة سواء وزاد: "قال: فكيف تأمرني يا رسول الله؟ قال: تأخذ بما تعرف وتدع ما تنكر، وتقبل على خاصتك وتدع عوامهم " وأخرجه أبو يعلى من هذا الوجه. وأخرج الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو نفسه من طرق بعضها صحيح الإسناد وفيه: "قالوا كيف بنا يا رسول الله؟ قال: تأخذون ما تعرفون " فذكر مثله بصيغة الجمع في جميع ذلك، وأخرجه الطبراني وابن عدي من طريق عبد الحميد بن جعفر بن الحكم عن أبيه عن علباء بكسر المهملة وسكون اللام بعدها موحدة ومد رفعه: "لا تقوم الساعة إلا على حثالة الناس " الحديث، وللطبراني من حديث سهل ابن سعد قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس فيه عمرو بن العاص وابناه فقال: "فذكر مثله وزاد: "وإياكم والتلون في دين الله "

- قال العيني: أي هذا باب فيه إذا بقي مسلم في حثالة من الناس بضم الحاء المهملة وتخفيف الثاء المثلثة وهي رديء كل شيء وما لا خير فيه وجواب إذا مقدر وهو ماذا يصنع.

- قال ابن بطال: (في جذر قلوب الرجال) قال الأصمعي وأبو عمرو، وغيرهما: الجذر: الأصل. قال الأصمعي: بفتح الجيم، وقال أبو عمرو: بكسر الجيم. وقال صاحب العين: الوكت: شبيه نكتة في العين، وعين موكوتة، والوكت: سواد اللّون. وقال أبو عبيد: الوكت: أثر الشيء اليسير منه. وقال الأصمعي: يقال للبُسر إذا بدا فيه الإرطاب: بُسر موكت. والمجل: أثر العمل باليد يعالج به الإنسان الشيء حتى تغلظ جلودها، يقال منه: مَجِلت يده ومَجَلت لغتان، وذكر الحربي عن ابن الأعرابي: المجَل: النفط باليد ممتلئ ماءً، وقال أبو زيد: إذا كان بين الجلد واللحم ماء قيل: مجلت يده تمجل، ونفطت تنفط نفطًا ونفيطًا. والمنتبر: المتنفط. قال الطوسي: انتبر الجرح: إذا ورم، ويقال: سمعت نبرات من كلامه أي: ارتفاعات من صوته. قال أبو عبيد: وقوله: (ما أبالى أيكم بايعت) حمله كثير من الناس على بيعة الخلافة، وهذا خطأ في التأويل، وكيف يكون على بيعة الخلافة وهو يقول: (لئن كان يهوديًا أو نصرانيًا ردّه على ساعيه) فهو يبايع على الخلافة اليهودي والنصراني؟ ومع هذا إنه لم يكن يجوِّز أن يبايع كل أحد فيجعله خليفة، وهو لا يرضى بأحد بعد عمر، فكيف يتأول هذا عليه مع مذهبه فيه؟ إنما أراد مبايعة البيع والشراء؛ لأنه ذكر الأمانة وأنها قد ذهبت من الناس يقول: فليس أثق اليوم بأحد أئتمنه على البيع والشراء إلا فلانًا وفلانًا لقلة الأمانة في الناس.

- قال ابن حجر: وحاصل الخبر أنه أنذر برفع الأمانة وأن الموصوف بالأمانة يسلبها حتى يصير خائنا بعد أن كان أمينا، وهذا إنما يقع على ما هو شاهد لمن خالط أهل الخيانة فإنه يصير خائنا لأن القرين يقتدي بقرينه. قوله: "ولقد أتى علي زمان إلخ" يشير إلى أن حال الأمانة أخذ في النقص من ذلك الزمان، وكانت وفاة حذيفة في أول سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان بقليل، فأدرك بعض الزمن الذي وقع فيه التغير فأشار إليه، قال ابن التين: الأمانة كل ما يخفى ولا يعلمه إلا الله من المكلف. وعن ابن عباس: هي الفرائض التي أمروا بها ونهوا عنها، وقيل هي الطاعة، وقيل التكاليف، وقيل العهد الذي أخذه الله على العباد. وهذا الاختلاف وقع في تفسير الأمانة المذكورة في الآية "إنا عرضنا الأمانة"

 

 

 

14 - باب التَّعَرُّبِ في الْفِتْنَةِ.

 

7087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ قَالَ لاَ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ لي في الْبَدْوِ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ. تحفة 4539

7088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخدر - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 19، 3300، 3600، 6495 - تحفة 4103

التعليق:

- قال في الفتح: بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَالرَّاء الثَّقِيلَة أَيْ السُّكْنَى مَعَ الْأَعْرَاب بِفَتْحِ الْأَلِف، وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِل الْمُهَاجِر مِنْ الْبَلَد الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا فَيَسْكُن الْبَدْو فَيَرْجِع بَعْدَ هِجْرَته أَعْرَابِيًّا، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ مُحَرَّمًا إِلَّا إِنْ أَذِنَ لَهُ الشَّارِع فِي ذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بِالْفِتْنَةِ إِشَارَة إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ الْإِذْن فِي ذَلِكَ عِنْدَ حُلُول الْفِتَن كَمَا فِي ثَانِي حَدِيثَيْ الْبَاب، وَقِيلَ بِمَنْعِهِ فِي زَمَن الْفِتْنَة لِمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مِنْ خِذْلَان أَهْل الْحَقّ، وَلَكِنَّ نَظَر السَّلَف اِخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ: فَمِنْهُمْ مَنْ آثَرَ السَّلَامَة وَاعْتَزَلَ الْفِتَن كَسَعْدٍ وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ وَابْن عُمَر فِي طَائِفَة، وَمِنْهُمْ مَنْ بَاشَرَ الْقِتَال وَهُمْ الْجُمْهُور. وَوَقَعَ فِي رِوَايَة كَرِيمَةَ " التَّعَزُّب " بِالزَّايِ وَبَيْنَهُمَا عُمُوم وَخُصُوص، وَقَالَ صَاحِب الْمَطَالِع: وَجَدْته بِخَطِّي فِي الْبُخَارِيّ بِالزَّايِ وَأَخْشَى أَنْ يَكُون وَهْمًا، فَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ الْبُعْد وَالِاعْتِزَال

- قوله: (اِرْتَدَدْت عَلَى عَقِبَيْك) قال في الفتح: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ مِنْ الْحَدِيث فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ عَدّ الْكَبَائِر فِي كِتَاب الْحُدُود، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَة مَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ " مَنْ رَجَعَ بَعْدَ هِجْرَته أَعْرَابِيًّا " وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود رَفَعَهُ " لَعَنَ اللَّه آكِل الرِّبَا وَمُوكِلَهُ " الْحَدِيث وَفِيهِ " وَالْمُرْتَدّ بَعْدَ هِجْرَته أَعْرَابِيًّا " قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: كَانَ مَنْ رَجَعَ بَعْدَ هِجْرَته إِلَى مَوْضِعه مِنْ غَيْر عُذْر يَعُدُّونَهُ كَالْمُرْتَدِّ، وَقَالَ غَيْره: كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَفَاء الْحَجَّاج حَيْثُ خَاطَبَ هَذَا الصَّحَابِيّ الْجَلِيل بِهَذَا الْخِطَاب الْقَبِيح مِنْ قَبْل أَنْ يَسْتَكْشِفَ عَنْ عُذْره، وَيُقَال إِنَّهُ أَرَادَ قَتْله فَبَيَّنَ الْجِهَة الَّتِي يُرِيد أَنْ يَجْعَلهُ مُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ بِهَا. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة رَفَعَهُ " لَعَنَ اللَّه مَنْ بَدَا بَعْدَ هِجْرَته " إِلَّا فِي الْفِتْنَة فَإِنَّ الْبَدْوَ خَيْر مِنْ الْمُقَام فِي الْفِتْنَة.

- قوله:(يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ) قال ابن بطال: هذا الحديث يدل على إباحة الانفراد والاعتزال عند ظهور الفتن، طلبًا لإحراز السلامة فى الدين، خشية أن تحل عقوبة فتعم الكل، وهذا كله من كمال الدين .

- قال في الفتح: والخبر دال على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه، وقد اختلف السلف في أصل العزلة فقال الجمهور الاختلاط أولى لما فيه من اكتساب الفوائد الدينية للقيام بشعائر الإسلام وتكثير سواد المسلمين وإيصال أنواع الخير إليهم من إعانة وإغاثة وعيادة وغير ذلك. وقال قوم العزلة أولى لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين، وقد مضى طرف من ذلك في " باب العزلة " من كتاب الرقاق وقال النووي المختار تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنه أنه يقع في معصية، فإن أشكل الأمر فالعزلة أولى. وقال غيره: يختلف باختلاف الأشخاص، فمنهم من يتحتم عليه أحد الأمرين ومنهم من يترجح ليس الكلام فيه بل إذا تساويا فيختلف باختلاف الأحوال فإن تعارضا اختلف باختلاف الأوقات، فمن يتحتم عليه المخالطة من كانت له قدرة على إزالة المنكر فيجب عليه إما عينا وإما كفاية بحسب الحال والإمكان، وممن يترجح من يغلب على ظنه أنه يسلم في نفسه إذا قام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وممن يستوي من يأمن على نفسه ولكنه يتحقق أنه لا يطاع، وهذا حيث لا يكون هناك فتنة عامة فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور، وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها كما قال الله تعالى:{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } ويؤيد التفصيل المذكور حديث أبي سعيد أيضا: "خير الناس رجل جاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره "

 

 

 

15 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ.

 

7089 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ سَأَلُوا النبي -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَصَعِدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «لاَ تسألوني عَنْ شيء إِلاَّ بَيَّنْتُ لَكُمْ». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ رَأْسُهُ في ثَوْبِهِ يَبْكِى، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا نبي اللَّهِ مَنْ أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «مَا رَأَيْتُ في الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ». قَالَ قَتَادَةُ يُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1362 - 67/9

7090 - وَقَالَ عَبَّاسٌ المرسى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ نبي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِهَذَا وَقَالَ كُلُّ رَجُلٍ لاَفًّا رَأْسَهُ في ثَوْبِهِ يَبْكِى. وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. أَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1184

7091 - وَقَالَ لي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بِهَذَا وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7294، 7295 - تحفة 1228، 1184

 

التعليق:

- قال ابن بطال: وفي هذا الحديث فضل عمر بن الخطاب وفهمه، ومكانه من الحماية عن الدين والذّب عن رسول الله إذ قال: (رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا ومحمد نبيًا) ومنع تعنيته والإلحاح عليه؛ لأن الله تعالى قد أمر بتعزيزه وتوقيره وألا يرفع الصوت فوق صوته، واستعاذ بالله من شر الفتن، وكذلك استعاذ النبي بالله من شر الفتن، واستعاذ من فتنة المحيا والممات، وإن كان قد أعاذه الله تعالى من كل فتنة، وعصمه من شرها ليسن ذلك لأمته، فتستعيذ مما أستعاذ منه نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا خلاف ما يروى عن بعض من قصر علمه أنه قال: اسألوا الله الفتنة فإنها حصاد المنافقين، وزعم أن ذلك مروى عن رسول الله، وهو حديث لا يثبت، والصحيح خلافه من رواية أنس وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم .

- قال العيني: (قوله: وقال كل رجل) أي قال أنس كل رجل كان هناك حال كونه لافا بتشديد الفاء رأسه في ثوبه يبكي ويروى لاف وهو الأوجه وقوله يبكي خبر قوله كل رجل لأنه مبتدأ ولما ألحوا على رسول الله في المسألة كره مسائلهم وعز على المسلمين الإلحاح والتعنت عليه وتوقعوا نزول عقوبة الله عليهم فبكوا خوفا منها فمثل الله تعالى الجنة والنار له وأراه كل ما يسأله عنه قوله وقال أي كل رجل قال عائذا بالله أي حال كونه مستعيذا بالله من سوء الفتن قوله أو قال أعوذ بالله شك من الراوي ويحتمل أن يكون الشك بين قوله عائذا بالله وقوله أعوذ بالله ويحتمل أن يكون بين قوله من سوء الفتن وقوله من شر الفتن.

- قال ابن حجر: مشروعية التعوذ من الفتن عند وجود شيء قد يظهر منه قرينة وقوعها.

 

 

16 - باب قَوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم –

 «الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ»

 

7092 - حدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزهري عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ «الْفِتْنَةُ هَا هُنَا الْفِتْنَةُ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أَوْ قَالَ «قَرْنُ الشَّمْسِ». أطرافه 3104، 3279، 3511، 5296، 7093 - تحفة 6939

7093 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ مُسْتَقْبِلٌ الْمَشْرِقَ يَقُولُ «أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3104، 3279، 3511، 5296، 7092 - تحفة 8290

7094 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا». قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا. قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِى نَجْدِنَا فَأَظُنُّهُ قَالَ في الثَّالِثَةَ «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 1037 - تحفة 7745 - 68/9

7095 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوسطى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا - قَالَ - فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْنَا عَنِ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) فَقَالَ هَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ في دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651 - تحفة 7059

 

التعليق:

- قال العيني: قوله:(قرن الشيطان) ذهب الداودي إلى أن للشيطان قرنين على الحقيقة وذكر الهروي أن قرنيه ناحيتي رأسه وقيل هذا مثل أي حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط وقيل القرن القوة أي تطلع حين قوة الشيطان وإنما أشار إلى المشرق لأن أهله يومئذ كانوا أهل كفر فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذلك كانت وهي وقعة الجمل ووقعة صفين ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق وكانت الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وكان يحذر من ذلك ويعلم به قبل وقوعه وذلك من دلالات نبوته قوله أو قرن الشمس شك من الراوي وقال الجوهري قرن الشمس أعلاها

- قوله: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْنَا عَنِ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) قال في الفتح: يُرِيد أَنْ يَحْتَجّ بِالْآيَةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْقِتَال فِي الْفِتْنَة وَأَنَّ فِيهَا الرَّدّ عَلَى مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ كَابْنِ عُمَر.

- وقال: وَقَوْله هُنَا " وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْك " أَيْ فِي طَلَب الْمُلْك، يُشِير إِلَى مَا وَقَعَ بَيْنَ مَرْوَان ثُمَّ عَبْد الْمَلِك اِبْنه وَبَيْنَ اِبْن الزُّبَيْر وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَانَ رَأْي اِبْن عُمَر تَرْك الْقِتَال فِي الْفِتْنَة وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مُحِقَّة وَالْأُخْرَى مُبْطِلَة، وَقِيلَ الْفِتْنَة مُخْتَصَّة بِمَا إِذَا وَقَعَ الْقِتَال بِسَبَبِ التَّغَالُب فِي طَلَب الْمُلْك، وَأَمَّا إِذَا عُلِمَتْ الْبَاغِيَة فَلَا تُسَمَّى فِتْنَة وَتَجِب مُقَاتَلَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى الطَّاعَة؛ وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

17 - باب الْفِتْنَةِ التي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

 

 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً         تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ

حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا     وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ

شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ        مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ

 تحفة 18614

7096 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- في الْفِتْنَةِ. قَالَ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ، وَلَكِنِ التي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ عُمَرُ أَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ عُمَرُ إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا. قُلْتُ أَجَلْ. قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنِ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ. أطرافه 525، 1435، 1895، 3586 - تحفة 3337 - 69/9

7097 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ خَرَجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجْتُ في إِثْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ وَقُلْتُ لأَكُونَنَّ الْيَوْمَ بَوَّابَ النبي -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يأمرني فَذَهَبَ النبي -صلى الله عليه وسلم- وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا في الْبِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا نبي اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ. قَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَدَخَلَ فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا في الْبِئْرِ، فَجَاءَ عُمَرُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلاَّهُمَا في الْبِئْرِ، فَامْتَلأَ الْقُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَهَا بَلاَءٌ يُصِيبُهُ». فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا، فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلاَّهُمَا في الْبِئْرِ. فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لي وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يأتي. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ. أطرافه 3674، 3693، 3695، 6216، 7262 - تحفة 8996

7098 - حدثني بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ أَلاَ تُكَلِّمُ هَذَا. قَالَ قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا، أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنَا بالذي أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ في النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ أي فُلاَنُ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ إني كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ أَفْعَلُهُ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ». طرفه 3267 - تحفة 91 - 70/9

 

التعليق:

- قال ابن حجر: "تموج كموج البحر" أي تضطرب اضطراب البحر عند هيجانه، وكنى بذلك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة.

- وقال: وهي التي يصبح الناس فيها كالبهائم أي لا عقول لهم، ويؤيده حديث أبي موسى " تذهب عقول أكثر ذلك الزمان "

- وقال: قَوْله (قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس) كَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرّ فِي نُسْخَة، وَالْمَحْفُوظ أَنَّ الْأَبْيَات الْمَذْكُورَة لِعَمْرِو بْن مَعْدِ يكَرِب الزُّبَيْدِيّ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاس الْمُبَرِّد فِي الْكَامِل.

- قال في الفتح: وقول عمر " إذا كسر لم يغلق " أخذه من جهة أن الكسر لا يكون إلا غلبة والغلبة لا تقع إلا في الفتنة، وعلم من الخبر النبوي أن بأس الأمة بينهم واقع، وأن الهرج لا يزال إلى يوم القيامة كما وقع في حديث شداد رفعه: "إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة".

- وقال: قوله في حق عثمان " بلاء يصيبه " هو ما وقع له من القتل الذي نشأت عنه الفتن الواقعة بين الصحابة في الجمل ثم في صفين وما بعد ذلك. قال ابن بطال: إنما خص عثمان بذكر البلاء مع أن عمر قتل أيضا لكون عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور والظلم مع تنصله من ذلك واعتذاره عن كل ما أوردوه عليه ثم هجومهم عليه داره وهتكهم ستر أهله، وكل ذلك زيادة على قتله. قلت: وحاصله أن المراد بالبلاء الذي خص به الأمور الزائدة على القتل وهو كذلك

- قال ابن بطال: وقال غيره: وإنما تنكب حذيفة حين سأله عمر عن الفتنة فجاوبه عن فتنة الرجل فى أهله وماله وولده وجاره ولم يجاوبه عن الفتنة الكبرى التي تموج كموج البحر لئلا يغمه ويشغل باله، ألا ترى قوله لعمر: (ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين فإن بينك وبينها بابًا مغلقًا) ولم يقل له أنت الباب، وهو يعلم أن الباب عمر، فإنما أراد حذيفة ألا يواجهه بما يشق عليه ويهمه، وعرض له بما فهم عنه عمر أنه هو الباب ولم يصرح له بذلك، وهذا من حسن أدب حذيفة، رضي الله عنه .

 

 

 

18- باب

 

7099 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نفعني اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».

طرفه 4425 - تحفة 11660

7100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الأسد قَالَ لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِىٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، فَقَدِمَا عَلَيْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ، فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَوْقَ الْمِنْبَرِ في أَعْلاَهُ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الْحَسَنِ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلاَكُمْ، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هي.

طرفاه 3772، 7101 - تحفة 10356

7101 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى غَنِيَّةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَامَ عَمَّارٌ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ وَذَكَرَ مَسِيرَهَا وَقَالَ إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ. طرفاه 3772، 7100 - تحفة 10351

7102 و 7103 و 7104 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أخبرني عَمْرٌو سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ دَخَلَ أَبُو مُوسَى وَأَبُو مَسْعُودٍ عَلَى عَمَّارٍ حَيْثُ بَعَثَهُ عَلِىٌّ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ فَقَالاَ مَا رَأَيْنَاكَ أَتَيْتَ أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ في هَذَا الأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ. فَقَالَ عَمَّارٌ مَا رَأَيْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْرًا أَكْرَهَ عندي مِنْ إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ. وَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً، ثُمَّ رَاحُوا إِلَى الْمَسْجِدِ. طرفه 7106 - تحفة 10352

7105 و 7106 و 7107 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى مَسْعُودٍ وَأَبِى مُوسَى وَعَمَّارٍ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ مَا مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَعْيَبَ عندي مِنِ اسْتِسْرَاعِكَ في هَذَا الأَمْرِ. قَالَ عَمَّارٌ يَا أَبَا مَسْعُودٍ وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ وَلاَ مِنْ صَاحِبِكَ هَذَا شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتُمَا النبي -صلى الله عليه وسلم- أَعْيَبَ عندي مِنْ إِبْطَائِكُمَا في هَذَا الأَمْرِ. فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَكَانَ مُوسِرًا يَا غُلاَمُ هَاتِ حُلَّتَيْنِ. فَأَعْطَى إِحْدَاهُمَا أَبَا مُوسَى وَالأُخْرَى عَمَّارًا وَقَالَ رُوحَا فِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ. طرفه 7103 - تحفة 10352 - 71/9

 

التعليق:

- قال العيني: تولية بنت كسرى لم تكن إلا بعد كسرى الذي كتب إليه النبي وذلك أن كسرى هذا لما قتله ابنه شيرويه لم يعش بعده إلا ستة أشهر فلما مات لم يخلف أخا لأنه كان قتل إخوته حرصا على الملك ولم يخلف ذكرا وكرهوا خروج الملك عن بنت كسرى فملكوا عليهم بنت كسرى واسمها بوران بضم الباء الموحدة وفي آخره نون.

- قال ابن حجر: وَنَقَلَ اِبْن بَطَّال عَنْ الْمُهَلَّب أَنَّ ظَاهِر حَدِيث أَبِي بَكْرَة يُوهِم تَوْهِين رَأْي عَائِشَة فِيمَا فَعَلَتْ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَب أَبِي بَكْرَة أَنَّهُ كَانَ عَلَى رَأْي عَائِشَة فِي طَلَب الْإِصْلَاح بَيْنَ النَّاس، وَلَمْ يَكُنْ قَصْدهمْ الْقِتَال، لَكِنْ لَمَّا اِنْتَشَبَتْ الْحَرْب لَمْ يَكُنْ لِمَنْ مَعَهَا بُدٌّ مِنْ الْمُقَاتَلَة، وَلَمْ يَرْجِع أَبُو بَكْرَة عَنْ رَأْي عَائِشَة وَإِنَّمَا تَفَرَّسَ بِأَنَّهُمْ يُغْلَبُونَ لَمَّا رَأَى الَّذِينَ مَعَ عَائِشَة تَحْتَ أَمْرهَا لِمَا سَمِعَ فِي أَمْر فَارِس، قَالَ: وَيَدُلّ لِذَلِكَ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَنْقُل أَنَّ عَائِشَة وَمَنْ مَعَهَا نَازَعُوا عَلِيًّا فِي الْخِلَافَة وَلَا دَعَوْا إِلَى أَحَد مِنْهُمْ لِيُوَلُّوهُ الْخِلَافَة، وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ هِيَ وَمَنْ مَعَهَا عَلَى عَلِيٍّ مَنْعه مِنْ قَتْل قَتَلَة عُثْمَان وَتَرْك الِاقْتِصَاص مِنْهُمْ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَنْتَظِر مِنْ أَوْلِيَاء عُثْمَان أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ، فَإِذَا ثَبَتَ عَلَى أَحَد بِعَيْنِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَتَلَ عُثْمَان اِقْتَصَّ مِنْهُ، فَاخْتَلَفُوا بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَخَشِيَ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِمْ الْقَتْل أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى قَتْلهمْ فَأَنْشَبُوا الْحَرْب بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ كَانَ مَا كَانَ. فَلَمَّا اِنْتَصَرَ عَلِيّ عَلَيْهِمْ حَمِدَ أَبُو بَكْرَة رَأْيه فِي تَرْك الْقِتَال مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ رَأْيه كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِ عَائِشَة فِي الطَّلَب بِدَمِ عُثْمَان.

 - قال ابن تيمية في الواسطية عما شجر بين الصحابة الأطهار رضي الله عنهم: وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ. وَيَقُولُونَ: إنَّ هَذِهِ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي مساويهم مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ وَمِنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ وَالصَّحِيحِ مِنْهُ: هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ إمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ؛ بَلْ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ الذُّنُوبُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَهُمْ مِنْ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إنْ صَدَرَ حَتَّى إنَّهُ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنْ السَّيِّئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ لِأَنَّ لَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ " " وَإِنَّ الْمُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ " ثُمَّ إذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتِ تَمْحُوهُ أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ أَوْ اُبْتُلِيَ بِبَلَاءِ فِي الدُّنْيَا كَفَّرَ بِهِ عَنْهُ. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقَةِ فَكَيْفَ بِالْأُمُورِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ: إنْ أَصَابُوا فَلَهُمْ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ وَالْخَطَأُ مَغْفُورٌ لَهُمْ؟ ثُمَّ الْقَدْرُ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ وَالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمِ وَبَصِيرَةٍ وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْفَضَائِلِ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ لَا كَانَ وَلَا يَكُونُ مِثْلُهُمْ وَأَنَّهُمْ هُمْ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

19 - باب إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا.

 

7108 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزهري أخبرني حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ». تحفة 6703

 

التعليق:

-قال ابن بطال: (إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ). قال المؤلف: هذا الحديث يبين حديث زينب بنت جحش أنها قالت: (يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث) فيكون إهلاك جميع الناس عند ظهور المنكر والإعلان بالمعاصي، ودلّ قوله: (ثم بعثوا على أعمالهم) أن ذلك الهلاك العام يكون طهرةً للمؤمنين ونقمةً للفاسقين.

- قال ابن حجر: والحاصل أنه لا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازي كل أحد بعمله على حسب نيته. وجنح ابن أبي جمرة إلى أن الذين يقع لهم ذلك إنما يقع بسبب سكوتهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأما من أمر ونهى فهم المؤمنون حقا لا يرسل الله عليهم العذاب بل يدفع بهم العذاب، ويؤيده قوله تعالى:{وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون" وقوله تعالى:{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} ويدل على تعميم العذاب لمن لم ينه عن المنكر وإن لم يتعطاه قوله تعالى:{فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} ويستفاد من هذا مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة لأن الإقامة معهم من إلقاء النفس إلى التهلكة، هذا إذا لم يعنهم ولم يرض بأفعالهم فإن أعان أو رضي فهو منهم، ويؤيده أمره صلى الله عليه وسلم بالإسراع في الخروج من ديار ثمود. وأما بعثهم على أعمالهم فحكم عدل لأن أعمالهم الصالحة إنما يجازون بها في الآخرة، وأما في الدنيا فمهما أصابهم من بلاء كان تكفيرا لما قدموه من عمل سيئ، فكان العذاب المرسل في الدنيا على الذين ظلموا يتناول من كان معهم ولم ينكر عليهم فكان ذلك جزاء لهم على مداهنتهم، ثم يوم القيامة يبعث كل منهم فيجازى بعمله. وفي الحديث تحذير وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي، فكيف بمن داهن، فكيف بمن رضي، فكيف بمن عاون؟ نسأل الله السلامة. قلت: ومقتضى كلامه أن أهل الطاعة لا يصيبهم العذاب في الدنيا بجريرة العصاة، وإلى ذلك جنح القرطبي في " التذكرة " وما قدمناه قريبا أشبه بظاهر الحديث. وإلى نحوه مال القاضي ابن العربي.

 

20- باب قَوْلِ النبي -صلى الله عليه وسلم- لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ «إِنَّ ابني هَذَا لَسَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»

 

7109 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى وَلَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ جَاءَ إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ فَقَالَ أدخلني عَلَى عِيسَى فَأَعِظَهُ. فَكَأَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ خَافَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ. قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ لَمَّا سَارَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - رضي الله عنهما - إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالْكَتَائِبِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ أَرَى كَتِيبَةً لاَ تُوَلِّى حَتَّى تُدْبِرَ أُخْرَاهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ مَنْ لِذَرَارِي الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ أَنَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ نَلْقَاهُ فَنَقُولُ لَهُ الصُّلْحَ. قَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ بَيْنَا

النبي -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ جَاءَ الْحَسَنُ فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «ابني هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». أطرافه 2704، 3629، 3746 - تحفة 11658

7110 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ أَنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ عَمْرٌو وَقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ أرسلني أُسَامَةُ إِلَى عَلِىٍّ وَقَالَ إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الآنَ فَيَقُولُ مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ لَوْ كُنْتَ في شِدْقِ الأَسَدِ لأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ، وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ، فَلَمْ يعطني شَيْئًا، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ فَأَوْقَرُوا لي راحلتي. تحفة 85 - 72/9

 

التعليق:

- قال ابن بطال: فيه فضل السعي بين المسلمين في حسم الفتن والإصلاح بينهم وأن ذلك مما تستحق به السيادة والشرف وقول معاوية: (من لذراري) يدل على أنه كره الحرب وخشي سوء عاقبة الفتنة؛ ولذلك بعث عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن ابن علي يسأله الصلح، فأجاب الحسن بن على رغبةً فيه وحقنًا لدماء المسلمين وحرصًا على رفع الفتنة، وقد تقدم في الصلح. وأما قول إسرائيل لابن شبرمة أدخلني على عيسى أعظه يعنى: عيسى بن موسى، فخاف عليه ابن شبرمة من ذلك، فدل أن مذهب ابن شبرمة أن من خاف على نفسه لا يلزمه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وأما حديث أسامة  فإنه أرسل مولاه إلى على بن أبى طالب يعرفه أنه من أحبّ الناس إليه وأنه يحب مشاركته في السراء والضراء، ويعتذر إليه من تخلفه عن الحرب معه، وأنه لا يرى ذلك لما روى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى الحرقة أدرك رجلا بالسيف فقال له الرجل: لا إله إلا الله، فقتله فأخبر النبي بذلك، فقال له: يا أسامة قتلته بعدما قال: لا إله إلا الله. فقال: يا رسول الله إنما قالها تعوّذًا. فقال رسول الله: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟ فما زال يكررها حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) فآلى أسامة على نفسه أن لا يقاتل مسلمًا أبدًا، فلذلك قعد عن علىّ، رضي الله عنه، في الجمل وصفين.

- قال ابن حجر: "فلم يفعل" أي فلم يدخله على عيسى بن موسى، ولعل سبب خوفه عليه أنه كان صادعا بالحق فخشي أنه لا يتلطف بعيسى فيبطش به لما عنده من غرة الشباب وغرة الملك.

 

 

 

21 - باب إِذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلاَفِهِ

 

7111 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إني سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وإني لاَ أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ، وإني لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلاَ بَايَعَ في هَذَا الأَمْرِ، إِلاَّ كَانَتِ الْفَيْصَلَ بيني وَبَيْنَهُ. أطرافه 3188، 6177، 6178، 6966 - تحفة 7529

7112 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بِالشَّأْمِ، وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَوَثَبَ الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبِى إِلَى أَبِى بَرْزَةَ الأسلم حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ في دَارِهِ وَهْوَ جَالِسٌ في ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لَهُ مِنْ قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَأَنْشَأَ أَبِى يَسْتَطْعِمُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَا أَبَا بَرْزَةَ أَلاَ تَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ النَّاسُ فَأَوَّلُ شيء سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ إني احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّى أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ كُنْتُمْ عَلَى الْحَالِ الذي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ وَالْقِلَّةِ وَالضَّلاَلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْقَذَكُمْ بِالإِسْلاَمِ وَبِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا التي أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ، إِنَّ ذَاكَ الذي بِالشَّأْمِ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلاَّ عَلَى الدُّنْيَا. طرفه 7271 - تحفة 11608

7113 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ. تحفة 3342

7114 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بَعْدَ الإِيمَانِ. تحفة 3334 - 73/9

 

التعليق:

- قال ابن بطال: معنى الترجمة إنما هو في خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية ورجوعهم عن بيعته وما قالوا له، وقالوا بغير حضرته خلاف ما قالوا بحضرته، وذلك أن ابن عمر بايع يزيد ابن معاوية فقال عنده بالطاعة لخلافته، ثم خشي على بنيه وحشمه النكث مع أهل المدينة حين نكثوا بيعة يزيد، فجمعهم ووعظهم وأخبرهم أن النكث أعظم الغدر. وأما قول أبى برزة: (إني أحتسبُ عند الله أنى أصبحت ساخطًا على أحياء قريش) فوجه موافقته الترجمة أن هذا قول لم يقله عند مروان حين بايعه بل بايع واتبع، ثم سخط ذلك لما بعد عنه، وكأنه أراد منه أن يترك ما نوزع فيه للآخرة ولا يقاتل عليه كما فعل عثمان فلم يقاتل من نازعه، بل ترك ذلك لمن قاتله عليه، وكما فعل الحسن بن على حين ترك القتال لمعاوية حين نازعه أمر الخلافة فسخط أبو برزة من مروان تمسكه بالخلافة والقتال عليها، فقد تبين أن قوله لأبى المنهال وابنه بخلاف ما قال لمروان حين بايع له، وأما يمينه أن الذي بالشام إن يقاتل إلا على الدنيا، فوجهه أنه كان يريد أن يأخذ بسيرة عثمان والحسن رضي الله عنهما، وأمّا يمينه على الذي بمكة، يعنى ابن الزبير، فإنه لما وثب بمكة بعد أن دخل فيما دخل فيه المسلمون جعله نكثًا منه وحرصًا على الدنيا، وهو في هذه أقوى رأيًا منه في الأولى، وكذلك القراء بالبصرة؛ لأنه كان رحمه الله لا يرى الفتنة في الإسلام أصلا، فكان يرى أن يترك صاحب الحق حقه لمن نازعه فيه لأنه مأجور في ذلك، وممدوح بالإيثار على نفسه، وكان يريد من المقاتل له أن يقتحم النار في قيامه وتفريقه الجماعة وتشتيته الكلمة، ولا يكون سببًا لسفك الدماء واستباحة الحرم أخذًا بقوله (صلى الله عليه وسلم): (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) فلم ير القتال البتة. وأما حديث حذيفة وقوله: (إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنهم كانوا يسرون قولهم فلا يتعدّى شرهم إلى غيرهم، وأما اليوم فإنهم يجهرون بالنفاق ويعلنون بالخروج على الجماعة ويورثون بينهم ويحزبونهم أحزابًا، فهم اليوم شر منهم حين لا يضرون بما يسرونه. ووجه موافقته للترجمة أن المنافقين بالجهر وإشهار السلاح على الناس هو القول بخلاف ما قالوه حين دخلوا في بيعة من بايعوه من الأئمة؛ لأنه لا يجوز أن يتخلف عن بيعة من بايعه الجماعة ساعة من الدهر؛ لأنها ساعة جاهليّة، ولا جاهليّة في الإسلام، وقد قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103] فالتفرق محرّم في الإسلام وهو الخروج عن طاعة الأئمة. وأما قول أبى برزة واحتسابه سخطه على أحياء قريش عند الله، فكأنه قال: اللهم إني لا أرضى ما تصنع قريش من التقاتل على الخلافة، فاعلم ذلك من نيتي، وأنى أسخط فعلهم واستباحتهم للدماء والأموال، فأراد أن يحتسب مما يكرهه من إنكار القتال في الإسلام عند الله أجرًا وذخرًا، فإنه لم يقدر من التغيير عليهم إلا بالقول والنية التي بها يأجرُ الله عباده.

- قال ابن حجر:  وَدَعْوَاهُ -يعني ابن بطال- أَنَّ أَبَا بَرْزَة بَايَعَ مَرْوَان لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ أَبَا بَرْزَة كَانَ مُقِيمًا بِالْبَصْرَةِ وَمَرْوَان إِنَّمَا طَلَبَ الْخِلَافَة بِالشَّامِ، وَذَلِكَ أَنَّ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة لَمَّا مَاتَ دَعَا اِبْن الزُّبَيْر إِلَى نَفْسه وَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ فَأَطَاعَهُ أَهْل الْحَرَمَيْنِ وَمِصْر وَالْعِرَاق وَمَا وَرَاءَهَا، وَبَايَعَ لَهُ الضَّحَّاك بْن قَيْس الْفِهْرِيّ بِالشَّامِ كُلّهَا إِلَّا الْأُرْدُنّ وَمَنْ بِهَا مِنْ بَنِي أُمَيَّة وَمَنْ كَانَ عَلَى هَوَاهُمْ، حَتَّى هَمَّ مَرْوَان أَنْ يَرْحَل إِلَى اِبْن الزُّبَيْر وَيُبَايِعهُ فَمَنَعُوهُ وَبَايَعُوا لَهُ بِالْخِلَافَةِ، وَحَارَبَ الضَّحَّاك بْن قَيْس فَهَزَمَهُ وَغَلَبَ عَلَى الشَّام، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مِصْرَ فَغَلَبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَاتَ فِي سَنَته فَبَايَعُوا بَعْدَهُ اِبْنه عَبْد الْمَلِك وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَاضِحًا، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بَعْضه مِنْ رِوَايَة عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَفِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَة بْن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة لَمَّا مَاتَ دَعَا مَرْوَان لِنَفْسِهِ فَأَجَابَهُ أَهْل فِلَسْطِين وَأَهْل حِمْص فَقَاتَلَهُ الضَّحَّاك بْن قَيْس بِمَرْجِ رَاهِط فَقُتِلَ الضَّحَّاك ثُمَّ مَاتَ مَرْوَان وَقَامَ عَبْد الْمَلِك، فَذَكَرَ قِصَّة الْحَجَّاج فِي قِتَاله عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَقَتْله ثُمَّ قَالَ اِبْن بَطَّال: وَأَمَّا يَمِينه يَعْنِي أَبَا بَرْزَة عَلَى الَّذِي بِمَكَّةَ يَعْنِي اِبْن الزُّبَيْر فَإِنَّهُ لَمَّا وَثَبَ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ جَعَلَ أَبُو بَرْزَة ذَلِكَ نَكْثًا مِنْهُ وَحِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَهُوَ أَيْ أَبُو بَرْزَة فِي هَذِهِ - أَيْ قِصَّة اِبْن الزُّبَيْر - أَقْوَى رَأْيًا مِنْهُ فِي الْأُولَى أَيْ قِصَّة مَرْوَان قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقُرَّاء بِالْبَصْرَةِ: لِأَنَّ أَبَا بَرْزَة كَانَ لَا يَرَى قِتَال الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا، فَكَانَ يَرَى لِصَاحِبِ الْحَقّ أَنْ يَتْرُك حَقّه لِمَنْ نَازَعَهُ فِيهِ لِيُؤْجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَيُمْدَح بِالْإِيثَارِ عَلَى نَفْسه لِئَلَّا يَكُون سَبَبًا لِسَفْكِ الدِّمَاء اِنْتَهَى مُلَخَّصًا وَمُقْتَضَى كَلَامه أَنَّ مَرْوَان لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَة بَايَعَهُ النَّاس أَجْمَعُونَ، ثُمَّ نَكَثَ اِبْن الزُّبَيْر بَيْعَته وَدَعَا إِلَى نَفْسه، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَة قِتَاله عَلَى الْخِلَافَة بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِي طَاعَته وَبَايَعَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَاَلَّذِي ذَكَرْته هُوَ الَّذِي تَوَارَدَ عَلَيْهِ أَهْل الْأَخْبَار بِالْأَسَانِيدِ الْجَيِّدَة، وَابْن الزُّبَيْر لَمْ يُبَايِع لِمَرْوَانَ قَطُّ بَلْ مَرْوَان هَمَّ أَنْ يُبَايِع لِابْنِ الزُّبَيْر ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَدَعَا إِلَى نَفْسه.

 

 

 

22 - باب لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُغْبَطَ أَهْلُ الْقُبُورِ

 

7115 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حدثني مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا ليتنى مَكَانَهُ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7121 - تحفة 13824

 

التعليق:

-  قال ابن بطال: تغبيط أهل القبور وتمنى الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدين لغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكر. وروى ابن المبارك عن سعيد بن عبد العزيز، عن ابن عبد ربه أن أبا الدرداء كان إذا جاءه موت الرجل على الحال الصالحة قال: هنيئًا له ليتنى بدله، فقالت له أم الدرداء: لم تقول هذا؟ فقال: إن الرجل ليصبح مؤمنًا ويمسى كافرًا، قالت: وكيف؟ قال: يسلب إيمانه وهو لا يشعر، فلأنا أغبط لهذا بالموت أغبط من هذا في الصوم والصلاة. وقد روى عن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسى كافرًا، ويمسى مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع فيها أقوام دينهم بعرض من الدنيا يسير). ومن حديث الحسن عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (بين يدي الساعة فتن يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه). وعن ابن مسعود قال: سيأتي عليكم زمان لو وجد فيه أحدكم الموت يباع لاشتراه، وسيأتي عليكم زمان يغبط فيه الرجل بخفة الحال كما يغبط فيه بكثرة المال والولد. وأما من لم يخف فساد دينه وذهاب إيمانه فلا يتمنى الموت ذلك الزمان لمشابهته بأهله وحرصه فيما دخلوا فيه، بل ذلك وقت يسود فيه أهل الباطل، ويعلو فيه سفلة الناس ورذالتهم ويسعد بالدنيا لكع بن لكع.

 

 

23 - باب تَغْيِيرِ الزَّمَانِ حَتَّى يَعْبُدُوا الأَوْثَانَ

 

7116 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهري قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أخبرني أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذي الْخَلَصَةِ». وَذُو الْخَلَصَةَ طَاغِيَةُ دَوْسٍ التي كَانُوا يَعْبُدُونَ في الْجَاهِلِيَّةِ. تحفة 13163

7117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حدثني سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ». طرفه 3517 - تحفة 12918

 

التعليق:

- قال ابن حجر: قال ابن التين: فيه الإخبار بأن نساء دوس يركبن الدواب من البلدان إلى الصنم المذكور، فهو المراد باضطراب ألياتهن. قلت: ويحتمل أن يكون المراد أنهن يتزاحمن بحيث تضرب عجيزة بعضهن الأخرى عند الطواف حول الصنم المذكور. وفي معنى هذا الحديث ما أخرجه الحاكم عن عبد الله بن عمر قال: "لا تقوم الساعة حتى تدافع مناكب نساء بني عامر على ذي الخلصة " وابن عدي من رواية أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة رفعه: "لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى " قال ابن بطال: هذا الحديث وما أشبهه ليس المراد به أن الدين ينقطع كله في جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شيء، لأنه ثبت أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة، إلا أنه يضعف ويعود غريبا كما بدأ. ثم ذكر حديث: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق " الحديث قال: فتبين في هذا الحديث تخصيص الأخبار الأخرى، وأن الطائفة التي تبقى على الحق تكون ببيت المقدس إلى أن تقوم الساعة. قال فبهذا تأتلف الأخبار. قلت: ليس فيما احتج به تصريح إلى بقاء أولئك إلى قيام الساعة، وإنما فيه: "حتى يأتي أمر الله " فيحتمل أن يكون المراد بأمر الله ما ذكر من قبض من بقي من المؤمنين، وظواهر الأخبار تقتضي أن الموصوفين بكونهم ببيت المقدس أن آخرهم من كان مع عيسى عليه السلام، ثم إذا بعث الله الريح الطيبة فقبضت روح كل مؤمن لم يبق إلا شرار الناس. وقد أخرج مسلم من حديث ابن مسعود رفعه: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " وذلك إنما يقع بعد طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وسائر الآيات العظام، وقد ثبت أن الآيات العظام مثل السلك إذا انقطع تناثر الخرز بسرعة، وهو عند أحمد وفي مرسل أبي العالية " الآيات كلها في ستة أشهر " وعن أبي هريرة في " ثمانية أشهر " وقد أورد مسلم عقب حديث أبي هريرة من حديث عائشة ما يشير إلى بيان الزمان الذي يقع فيه ذلك ولفظه: "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى " وفيه: "يبعث الله ريحا طيبة فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم " وعنده في حديث عبد الله بن عمرو رفعه: "يخرج الدجال في أمتي " الحديث وفيه: "فيبعث الله عيسى بن مريم فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال حبة من خير أو إيمان إلا قبضته " وفيه: "فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الأوثان، ثم ينفخ في الصور " فظهر بذلك أن المراد بأمر الله في حديث: "لا تزال طائفة " وقوع الآيات العظام التي يعقبها قيام الساعة ولا يتخلف عنها إلا شيئا يسيرا، ويؤيده حديث عمران بن حصين رفعه: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال " أخرجه أبو داود والحاكم، ويؤخذ منه صحة ما تأولته، فإن الذين يقاتلون الدجال يكونون بعد قتله مع عيسى، ثم يرسل عليهم الريح الطيبة فلا يبقى بعدهم إلا الشرار

- قال العيني:(لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه)

مطابقته للترجمة من حيث إن سوق رجل من قحطان الناس بعصاه إنما يكون في تغيير الزمان وتبديل أحوال الإسلام لأن هذا الرجل ليس من رهط الشرف الذين جعل الله فيهم الخلافة ولا من فخذ النبوة.

 

 

 

24 - باب خُرُوجِ النَّارِ.

 

وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ».

7118 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهري قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أخبرني أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تضيء أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى». تحفة 13162

7119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الكندي حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا». تحفة 12263

7119  - قَالَ عُقْبَةُ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ «يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ». تحفة 13795

 

التعليق:

- قال ابن بطال: ترجم البخارى في باب خروج النار ولم يسنده في هذه المواضع اكتفاء بما تقدم من إسناده في كتاب الأنبياء، رواه عن ابن سلام، عن الفزارى، عن حميد، عن أنس عن النبي  صلى الله عليه وسلم، وروى حسين المروزى، عن عبد الوهاب حدثنا عبيد بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن كعب قال: (تخرج نار من قبل اليمن تحشر الناس تغدو معهم إذا غدوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتروح معهم إذا راحوا، فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام). وكل ما ذكرناه في هذا الحديث من الأشراط فهي علامات لقيام الساعة كخروج النار ومعناها واحد، وقد جاء في حديث أن النار آخر أشراط الساعة، رواه ابن عيينة، عن فرات القزاز، عن أبى الطفيل، عن أبى سريحة حذيفة بن أسيد قال: (أشرف علينا النبي  صلى الله عليه وسلم  من غرفة فقال: ما تذكرون؟ قلنا: نتذاكر الساعة قال: إنها لا تقوم حتى يكون قبلها عشر آيات: الدجال والدخان، والدابة وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى بن مريم، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم). وذكر ابن أبى شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن أبى حيان، عن أبى زرعة، عن عبد الله ابن عمرو، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضُحى، وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبًا منها. وحديث أنس أصح من هذه الأحاديث، وقد روى حماد بن سلمة عن أبى المهزم يزيد ابن سفيان، عن أبى هريرة قال: (خروج الآيات كلها في ثمانية أشهر) أبو المهزم ضعيف، وقال أبو العالية: الآيات كلها في ستة أشهر. وقوله: (تضئ أعناق الإبل ببصرى) فالعرب تقول: أضاءت النار وأضاءت النار غيرها.

- قال العيني: قال القرطبي في التذكرة خرجت نار بالحجاز بالمدينة وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت وظهرت النار بقريظة عند قاع التنعيم بطرف الحرة ترى في صور البلد العظيم عليها سور محيط بها عليه شراريف كشراريف الحصون وأبراج ومآذن ويرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه وينتهي إلى محط الركب العراقي فاجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم وانتهت النار إلى قرب المدينة ومع ذلك فكان يأتي ببركة النبي المدينة نسيم بارد وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وانتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها وقال بعض أصحابنا لقد رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام من المدينة وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى وقال النووي تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام وقال أبو شامة في ذيل الروضتين وردت في أوائل شعبان سنة أربع وخمسين كتب من المدينة فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين فذكر هذا الحديث وفي بعض الكتب ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد وفي كتاب آخر سال منها واد مقداره أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال يجري على وجه الأرض يخرج منها مهاد وجبال صغار وفي كتاب آخر ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة قوله تضيء أعناق الإبل تضيء فعل وفاعل وأعناق الإبل مفعوله وتضيء يأتي لازما ومتعديا قوله ببصرى بضم الباء الموحدة وإسكان الصاد المهملة وبالراء مقصورا مدينة معروفة وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل.

- قال العيني: (قوله فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا) هذا يشعر بأن الأخذ منه ممكن بأن يكون دنانير أو قطعا أو تبرا ولكن وجه منع الأخذ لأنه مستعقب للبليات وهو آية من الآيات وقال ابن التين إنما نهى عن الأخذ منه لأنه للمسلمين فلا يؤخذ إلا بحقه واعترض عليه بأنه غير ظاهر وإنما النهي لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه وأخرج مسلم من حديث أبي بن كعب سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب فإذا سمع الناس ساروا إليه فيقتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون.

- قال ابن حجر: السبب في النهي عن الأخذ منه ما يترتب على طلب الأخذ منه من الاقتتال فضلا عن الأخذ ولا مانع أن يكون ذلك عند خروج النار للمحشر، لكن ليس ذلك السبب في النهي عن الأخذ منه.

 

 

25 – باب.

 

7120 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «تَصَدَّقُوا، فسيأتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا». قَالَ مُسَدَّدٌ حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لأُمِّهِ. طرفاه 1411، 1424 - تحفة 3286 - 74/9

7121 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهْوَ الْقَتْلُ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الذي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لي بِهِ. وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ في الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا ليثنى مَكَانَهُ. وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ - يَعْنِى - آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115 - تحفة 13747

 

التعليق:

- قال العيني:قوله فلا يجد من يقبلها لكثرة الأموال وقلة الرغبات للعلم بقرب قيام الساعة وقصر الآمال

- قال في الفتح: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ وَقَعَ كَمَا ذَكَرَ فِي خِلَافَة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فَلَا يَكُون مِنْ أَشْرَاط السَّاعَة، وَهُوَ نَظِير مَا وَقَعَ فِي حَدِيث عَدِيّ بْن حَاتِم الَّذِي تَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة وَفِيهِ " وَلَئِنْ طَالَتْ بِك حَيَاة لَتَرَيَنَّ الرَّجُل يَخْرُج بِمِلْءِ كَفّه ذَهَبًا يَلْتَمِس مَنْ يَقْبَلهُ فَلَا يَجِد "

- قال العيني: قوله فئتان أي جماعتان هما فئة علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وفئة معاوية بن أبي سفيان قوله دعوتهما ويروى دعواهما والمراد بالدعوى الإسلام على القول الراجح وقيل المراد اعتقاد كل منهما أنه على الحق وصاحبه على الباطل بحسب اجتهادهما وفيه معجزة للنبي وقال الداودي هاتان الفئتان هما إن شاء الله أصحاب الجمل زعم علي بن أبي طالب أن طلحة والزبير بايعاه فتعلق بذلك وزعم طلحة والزبير أن الأشتر النخعي أكرههما على المشي إلى علي رضي الله تعالى عنه وقد جاء في الكتاب والسنة الأمر بقتال الفئة الباغية إذا تبين بغيها وقال الله تعالى(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداها على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين).

- قال ابن حجر: الْمُرَاد بِالْفِئَتَيْنِ عَلِيٌّ وَمَنْ مَعَهُ وَمُعَاوِيَة وَمَنْ مَعَهُ، وَيُؤْخَذ مِنْ تَسْمِيَتهمْ مُسْلِمِينَ مِنْ قَوْله دَعْوَتهمَا وَاحِدَة الرَّدّ عَلَى الْخَوَارِج وَمَنْ تَبِعَهُمْ فِي تَكْفِيرهمْ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ، وَدَلَّ حَدِيث " تَقْتُل عَمَّارًا الْفِئَة الْبَاغِيَة " عَلَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ الْمُصِيب فِي تِلْكَ الْحَرْب لِأَنَّ أَصْحَاب مُعَاوِيَة قَتَلُوهُ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّار بِسَنَدٍ جَيِّد عَنْ زَيْد بْن وَهْب قَالَ " كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَة فَقَالَ: كَيْف أَنْتُمْ وَقَدْ خَرَجَ أَهْل دِينكُمْ يَضْرِب بَعْضهمْ وُجُوه بَعْض بِالسَّيْفِ؟ قَالُوا. فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: اُنْظُرُوا الْفِرْقَة الَّتِي تَدْعُو إِلَى أَمْر عَلِيّ فَالْزَمُوهَا فَإِنَّهَا عَلَى الْحَقّ " وَأَخْرَجَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان بِسَنَدٍ جَيِّد عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ " لَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَة غَلَبَة عَلِيّ عَلَى أَهْل الْجَمَل دَعَا إِلَى الطَّلَب بِدَمِ عُثْمَان فَأَجَابَهُ أَهْل الشَّام فَسَارَ إِلَيْهِ عَلِيّ فَالْتَقَيَا بِصِفِّينَ "، وَقَدْ ذَكَرَ يَحْيَى بْن سُلَيْمَان الْجُعْفِيُّ أَحَد شُيُوخ الْبُخَارِيّ فِي " كِتَاب صِفِّينَ " فِي تَأْلِيفه بِسَنَدٍ جَيِّد عَنْ أَبِي مُسْلِم الْخَوْلَانِيّ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: أَنْتَ تُنَازِع عَلِيًّا فِي الْخِلَافَة أَوْ أَنْتَ مِثْله؟ قَالَ: لَا، وَإِنِّي لَأَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنِّي وَأَحَقّ بِالْأَمْرِ، وَلَكِنْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَان قُتِلَ مَظْلُومًا وَأَنَا اِبْن عَمّه وَوَلِيّه أَطْلُب بِدَمِهِ؟ فَأْتُوا عَلِيًّا فَقُولُوا لَهُ يَدْفَع لَنَا قَتَلَة عُثْمَان، فَأَتَوْهُ فَكَلَّمُوهُ فَقَالَ: يَدْخُل فِي الْبَيْعَة وَيُحَاكِمهُمْ إِلَيَّ، فَامْتَنَعَ مُعَاوِيَة فَسَارَ عَلِيّ فِي الْجُيُوش مِنْ الْعِرَاق حَتَّى نَزَلَ بِصِفِّينَ، وَسَارَ مُعَاوِيَة حَتَّى نَزَلَ هُنَاكَ وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّة سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ، فَتَرَاسَلُوا فَلَمْ يَتِمّ لَهُمْ أَمْر، فَوَقَعَ الْقِتَال إِلَى أَنْ قُتِلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا ذَكَرَ اِبْن أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخه نَحْو سَبْعِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَال كَانَ بَيْنَهُمْ أَكْثَر مِنْ سَبْعِينَ زَحْفًا.

 

 

 

26 - باب ذِكْرِ الدَّجَّالِ

 

7122 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حدثني قَيْسٌ قَالَ قَالَ لي الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَا سَأَلَ أَحَدٌ النبي -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ وَإِنَّهُ قَالَ لي «مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ». قُلْتُ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ. قَالَ «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ». تحفة 11523

7123 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أُرَاهُ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 4402، 6175، 7127، 7407 - تحفة 7530

7124 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «يجيء الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ في نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ». أطرافه 1881، 7134، 7473 - تحفة 221 - 75/9

7125 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». طرفاه 1879، 7126 - تحفة 11654

7126 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». طرفاه 1879، 7125 - تحفة 11654

7126 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَقَالَ لي أَبُو بَكْرَةَ سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بِهَذَا. تحفة 11654

7127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إني لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نبي إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نبي لِقَوْمِهِ، إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 4402، 6175، 7123، 7407 - تحفة 6859

7128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ - أَوْ يُهَرَاقُ - رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ. أطرافه 3440، 3441، 5902، 6999، 7026 - تحفة 6887

7129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَعِيذُ في صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. أطرافه 832، 833، 2397، 6368، 6375، 6376، 6377 - تحفة 16496

7130 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أخبرني أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ ربعي عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ في الدَّجَّالِ «إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. طرفه 3450 - تحفة 3309، 9981

7131 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- «مَا بُعِثَ نبي إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ». فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-. طرفه 7408 - تحفة 1241 - 76/9

 

التعليق:

- قال ابن حجر: قوله: "باب ذكر الدجال" هو فعال بفتح أوله والتشديد من الدجل وهو التغطية، وسمي الكذاب دجالا لأنه يغطي الحق بباطله، ويقال دجل البعير بالقطران إذا غطاه والإناء بالذهب إذا طلاه. وقال ثعلب: الدجال المموه سيف مدجل إذا طلي. وقال ابن دريد. سمي دجالا لأنه يغطي الحق بالكذب، وقيل لضربه نواحي الأرض، يقال دجل مخففا ومشددا إذا فعل ذلك، وقيل بل قيل ذلك لأنه يغطي الأرض فرجع إلى الأول.

- قال العيني: قوله: الدجال قال الكرماني هو شخص بعينه ابتلى الله عباده به وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعال من إحياء الميت واتباع كنوز الأرض وإمطار السماء وإنبات الأرض بأمره ثم يعجزه الله عز وجل بعد ذلك فلا يقدر على شيء من ذلك وهو يكون مدعيا للإلاهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله من انتقاصه بالعور وعجزه عن إزالته عن نفسه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه فإن قلت إظهار المعجزة على يد الكذاب ليس يمكن قلت إنه يدعي الإلاهية واستحالته ظاهرة فلا محذور فيه بخلاف مدعي النبوة فإنها ممكنة فلو أتى الكاذب فيها بمعجزة لالتبس النبي بالمتنبي وفائدة تمكينه من هذه الخوارق امتحان العباد.

- وقال: قوله: (حتى ينزل في ناحية المدينة) ويأتي عن قريب بعد باب ينزل بعض السباخ التي تلي المدينة وفي رواية حماد بن سلمة عن إسحاق عن أنس فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه فيخرج إليه كل منافق ومنافقة والجرف بضم الجيم والراء وبالفاء مكان بطريق المدينة من جهة الشام على ميل وقيل ثلاثة أميال والرواق الفسطاط وفي رواية ابن ماجه من حديث أبي أمامة ينزل عند الطريق الأحمر عند منقطع السبخة قوله:(ثم ترجف المدينة) ويروى فترجف المدينة وهو أوجه ومعناه تتحرك المدينة ويضطرب أهلها قوله:(فيخرج إليه) أي إلى الدجال كل كافر ومنافق قلت الذي يظهر لي أن المراد بالكافر غلاة الروافض لأنهم كفرة وفي المدينة رفضة وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد والحاكم فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه.

- قال ابن بطال: قوله: (هو أهون على الله من ذلك) يريد والله أعلم هو أهون من أن يفتن الناس به فيملكه معايش أرزاقهم وحياة أرماقهم، فتعظم بذلك فتنتهم، بل تبقى عليه ذلة العبودية بتحويجه إلى معالجة المعاش، وقد ملكه ما لا يضر به إلا من قضى الله له بالشقاء في أم الكتاب، وإنما يوهم الناس أن هذه نار يشير إليها ليخافه من لا بصيرة له في دين الله فيتبعه مخافتها على نفسه، ولو أنعم النظر لرأى أنها ماء بارد وكذلك لما توهن به وهو ماء لمن لا بصيرة له ولا عنده علم بما قدمه الرسول من العلم لأمته بأن ناره ماء، وماءه نار.

- قال ابن بطال: إن قال قائل: ما معنى قوله  صلى الله عليه وسلم: (ترجف المدينة ثلاث رجفات) وقد قال في حديث أبى بكرة: (إنه لا يدخل المدينة رعب المسيح)؟ قال المهلب: فالجواب: أن رجفات المدينة ليست من رعبه ولا من خوفه، وإنما ترجف المدينة لمن يتشوف إلى الدجال من المنافقين فيخرجهم أهل المدينة كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنها تنفى خبثها).

- قال العيني: قوله:(فناره ماء) قيل النار كيف تكون ماء وهما حقيقتان مختلفتان وأجيب بأن معناه ما صورته نعمة ورحمة فهو بالحقيقة لمن مال إليه نقمة ومحنة وبالعكس

- قال ابن حجر: وقد استشكل إنذار نوح قومه بالدجال مع أن الأحاديث قد ثبتت أنه يخرج بعد أمور ذكرت، وأن عيسى يقتله بعد أن ينزل من السماء فيحكم بالشريعة المحمدية، والجواب أنه كان وقت خروجه أخفى على نوح ومن بعده فكأنهم أنذروا به ولم يذكر لهم وقت خروجه فحذروا قومهم من فتنته، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرقه: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه " فإنه محمول على أن ذلك كان قبل أن يتبين له وقت خروجه وعلاماته، فكان يجوز أن يخرج في حياته صلى الله عليه وسلم ثم بين له بعد ذلك حاله ووقت خروجه فأخبر به، فبذلك تجتمع الأخبار. وقال ابن العربي إنذار الأنبياء قومهم بأمر الدجال تحذير من الفتن وطمأنينة لها حتى لا يزعزعها عن حسن الاعتقاد، وكذلك تقريب النبي صلى الله عليه وسلم له زيادة في التحذير، وأشار مع ذلك إلى أنهم إذا كانوا على الإيمان ثابتين دفعوا الشبه باليقين. قوله: "ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه" قيل إن السر في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالتنبيه المذكور، مع أنه أوضح الأدلة في تكذيب الدجال أن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها ممن تقدم من الأمم، ودل الخبر على أن علم كونه يختص خروجه بهذه الأمة كأن طوي عن غير هذه الأمة كما طوي عن الجميع علم وقت قيام الساعة.

- وقال ابن حجر: قوله: "أنه أعور وإن الله ليس بأعور" إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة لكون العور أثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية، فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة والإله يتعالى عن النقص علم أنه كاذب.

- قال في الفتح حول الاختلاف في عين الدجال: جمع بينهما القاضي عياض فقال: تصحح الروايتان معا بأن تكون المطموسة والممسوحة هي العوراء الطافئة بالهمز أي التي ذهب ضوؤها وهي العين اليمنى كما في حديث ابن عمر، وتكون الجاحظة التي كأنها كوكب وكأنها نخاعة في حائط هي الطافية بلا همز وهي العين اليسرى كما جاء في الرواية الأخرى، وعلى هذا فهو أعور العين اليمنى واليسرى معا فكل واحدة منهما عوراء أي معيبة، فإن الأعور من كل شيء المعيب، وكلا عيني الدجال معيبة فإحداهما معيبة بذهاب ضوئها حتى ذهب إدراكها، والأخرى بنتوئها انتهى قال النووي: هو في نهاية الحسن. وقال القرطبي في "المفهم": حاصل كلام القاضي أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء إحداهما بما أصابها حتى ذهب إدراكها والأخرى بأصل خلقها معيبة، لكن يبعد هذا التأويل أن كل واحدة من عينيه قد جاء وصفها في الرواية بمثل ما وصفت به الأخرى من العور فتأمله. وأجاب صاحبه القرطبي في التذكرة بأن الذي تأوله القاضي صحيح، فإن المطموسة وهي التي ليست ناتئة ولا جحراء هي التي فقدت الإدراك، والأخرى وصفت بأن عليها ظفرة غليظة وهي جلدة تغشى العين وإذا لم تقطع عميت العين، وعلى هذا فالعور فيهما لأن الظفرة مع غلظها تمنع الإدراك أيضا، فيكون الدجال أعمى أو قريبا منه إلا أنه جاء ذكر الظفرة في العين اليمنى في حديث سفينة وجاء في العين الشمال في حديث سمرة فالله أعلم.

 

 

 

27 - باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ.

 

7132 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهري أخبرني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ «يأتي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ التي تلي الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهْوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الذي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ في الأَمْرِ فَيَقُولُونَ لاَ. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ. فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ». طرفه 1882 - تحفة 4139

7133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ». طرفاه 1880، 5731 - تحفة 14642

7134 - حدثني يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ - قَالَ - وَلاَ الطَّاعُونُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ». أطرافه 1881، 7124، 7473 - تحفة 1269

 

التعليق:

- قال في حاشية السندي: قوله: (على أنقاب المدينة) جمع نقب بفتح النون وسكون القاف وهو جمع قلة وجمع الكثرة نقاب أي مداخل المدينة وهي أبوابها وفوهات طرقها التي يدخل إليها منها قوله: (لا يدخلها الطاعون) أي: الموت الذريع الفاشي أي لا يكون بها مثل الذي يكون بغيرها كالذي وقع في طاعون عمواس والجارف، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله فلم ينقل قط أنه دخلها الطاعون وذلك ببركة دعائه صلى الله عليه وسلّم اللهم صححها لنا. اهـ.

- قال ابن بطال: وفيه فضل المدينة وأنها خصت بهذه الفضيلة والله أعلم لبركة النبي  صلى الله عليه وسلم ودعائه لها، وقد أراد الصحابة أن يرجعوا إلى المدينة عندما وقع الوباء بالشام ثقةً منهم بقول رسول الله الذي أمنهم دخول الطاعون بلده، وكذلك توقن أن الدجال لا يستطيع دخولها البتة، وفى ذلك من الفقه أن الله تعالى يوكل ملائكته بحفظ بني آدم من الآفات والفتن والعدو إذا أراد حفظهم وقد وصف الله تعالى ذلك في قوله: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ).

 - قال ابن حجر: "ثم ترجف المدينة" أي يحصل لها زلزلة بعد أخرى ثم ثالثة حتى يخرج منها من ليس مخلصا في إيمانه ويبقى بها المؤمن الخالص فلا يسلط عليه الدجال. ولا يعارض هذا ما في حديث أبي بكرة الماضي أنه لا يدخل المدينة رعب الدجال، لأن المراد بالرعب ما يحدث من الفزع من ذكره والخوف من عتوه، لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص. وحمل بعض العلماء الحديث الذي فيه أنها تنفي الخبث على هذه الحالة دون غيرها.

 

 

 

28 - باب يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.

 

7135 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهري ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حدثني أخي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ الإِبْهَامِ والتي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ». أطرافه 3346، 3598، 7059 - تحفة 15880 - 77/9

7136 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «يُفْتَحُ الرَّدْمُ رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ». وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ. طرفه 3347 - تحفة 13524 وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه.

 

التعليق:

- قال ابن بطال: ذكر يحيى بن سلام، عن سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن أبى رافع، عن أبى هريرة: أن رسول الله قال: (إن يأجوج ومأجوج يخرقون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فتخرقونه غدًا فيعيده الله كأشد ما كان إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا إن شاء الله. فيغدون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه، فيخرجون على الناس فينشفون المياه، ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون سهامهم فترجع إليهم والدماء فيها، فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفًا في أقفائهم فيقتلهم بها)

 

- قال ابن حجر عن يأجوج ومأجوج: وأنهم من بني آدم ثم بني يافث بن نوح. وبه جزم وهب وغيره، وقيل إنهم من الترك قاله الضحاك، وقيل يأجوج من الترك ومأجوج من الديلم وعن كعب: هم من ولد آدم من غير حواء وذلك أن آدم نام فاحتلم فامتزجت نطفته بالتراب فخلق منها يأجوج ومأجوج، ورد بأن النبي لا يحتلم، وأجيب عنه بأن المنفى أن يرى في المنام أنه يجامع فيحتمل أن يكون دفق الماء فقط وهو جائز كما يجوز أن يبول، والأول المعتمد، وإلا فأين كانوا حين الطوفان ويأجوج ومأجوج بغير همز لأكثر القراء، وقرأ عاصم بالهمزة الساكنة فيهما وهي لغة بني أسد، وقرأ العجاج وولده رؤبة أأجوج بهمزة بدل الياء وهما اسمان أعجميان عند الأكثر منعا من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل بل عربيان، واختلف في اشتقاقهما فقيل من أجيج النار وهو التهابها، وقيل من الأجة بالتشديد وهي الاختلاط أو شدة الحر وقيل من الأج وهو سرعة العدو، وقيل من الأجاج وهو الماء الشديد الملوحة.

 

- قال ابن حجر: قوله: "ويل للعرب من شر قد اقترب" خص العرب بذلك لأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم، والمراد بالشر ما وقع بعده من قتل عثمان، ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة كما وقع في الحديث الآخر " يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها " وأن المخاطب بذلك العرب، قال القرطبي: ويحتمل أن يكون المراد بالشر ما أشار إليه في حديث أم سلمة " ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا أنزل من الخزائن " فأشار بذلك إلى الفتوح التي فتحت بعده فكثرت الأموال في أيديهم فوقع التنافس الذي جر الفتن، وكذلك التنافس على الإمرة.

- وقال ابن حجر: قال ابن العربي: في هذا الحديث ثلاث آيات: الأولى أن الله منعهم أن يوالوا الحفر ليلا ونهارا، الثانية منعهم أن يحاولوا الرقي على السد بسلم أو آلة فلم يلهمهم ذلك ولا علمهم إياه ويحتمل أن تكون أرضهم لا خشب فيها ولا آلات تصلح لذلك. قلت: وهو مردود، فإن في خبرهم عند وهب في المبتدأ أن لهم أشجارا وزروعا وغير ذلك من الآلات فالأول أولى. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن عمرو بن أوس عن جده رفعه: "أن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاءوا وشجر يلقحون ما شاءوا " الحديث. الثالثة أنه صدهم عن أن يقولوا إن شاء الله حتى يجيء الوقت المحدود. قلت: وفيه أن فيهم أهل صناعة وأهل ولاية وسلاطة ورعية تطيع من فوقها، وأن فيهم من يعرف الله ويقر بقدرته ومشيئته، ويحتمل أن تكون تلك الكلمة تجري على لسان ذلك الوالي من غير أن يعرف معناها فيحصل المقصود ببركتها.

- قال ابن حجر: قوله: "قال: نعم إذا كثر الخبث" بفتح المعجمة والموحدة ثم مثلثة، فسروه بالزنا وبأولاد الزنا وبالفسوق والفجور، وهو أولى لأنه قابله بالصلاح. قال ابن العربي: فيه البيان بأن الخير يهلك بهلاك الشرير إذا لم يغير عليه خبثه، وكذلك إذا غير عليه لكن حيث لا يجدي ذلك ويصر الشرير على عمله السيء؛ ويفشو ذلك ويكثر حتى يعم الفساد فيهلك حينئذ القليل والكثير، ثم يحشر كل أحد على نيته. وكأنها فهمت من فتح القدر المذكور من الردم أن الأمر إن تمادى على ذلك اتسع الخرق بحيث يخرجون، وكان عندها علم أن في خروجهم على الناس إهلاكا عاما لهم وقد ورد في حالهم عند خروجهم ما أخرجه مسلم من حديث النواس ابن سمعان بعد ذكر الدجال وقتله على يد عيسى قال: "ثم يأتيه قوم قد عصمهم الله من الدجال فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر عيسى نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار، فيرغب عيسى نبي الله وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم النغف - بفتح النون والغين المعجمة ثم فاء - في رقابهم فيصبحون فرسى، بفتح الفاء وسكون الراء بعدها مهملة مقصور كموت نفس واحدة؛ ثم يهبط عيسى نبي الله وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون تحتها، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن ومسلم، فيبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة"

 

- قال ابن حجر: "خاتمة": اشتمل " كتاب الفتن " من الأحاديث المرفوعة على مائة حديث وحديث، الموصول منها سبعة وثمانون والباقية معلقات ومتابعات، المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانون والخالص إحدى وعشرون وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن مسعود " شر الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء " وحديث أنس " لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه " وحديث عمار وابن مسعود في قصة الجمل، وحديث أبي برزة في الإنكار على من يقاتل للدنيا، وحديث حذيفة في المنافقين، وحديثه في النفاق، وحديث أنس في المدينة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله تعالى. وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم خمسة عشر أثرا، والله أعلم.

اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.               

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

 

عبد الرحمن بن صالح بن عثمان المزيني

تم بحمد الله الفراغ منه في محافظة الرس

مساء الأربعاء 25 جمادى الأولى 1430هـ

almuzaini.a@gmail.com